هذه البحث يتصدى لدراسة المسرح الشعري عند الشاعر (عبده بدوي) في ضوء نظرية التلقي، وهو مسرح يقوم على رواية أحداث تراثية في قالب مسرحي؛ ليستثمر ما فيها من طاقات إيحائية متفجرة وأبعاد دلالية كثيفة قادرة على الألق والتجدد والامتداد في الوجود الإنساني، ليقدم من خلالها الوعي الذي يبعث الإرادة القوية في الإنسان ويدفعه إلى النهوض والتغيير.
والمسرح الشعري عند الشاعر (عبده بدوي) مسرح يعتمد في تشكيل بنائه على الخبرات الثقافية والتجارب الحياتية والفاعلية النفسية والشعورية للمتلقي، فهو بحاجة إلى المساهمة الفعالة من المتلقي النابه ذو الإحساس اليقظ من أجل الكشف عن أبعاده ومقاصده؛ لأن الحقيقة التي يهتم بالكشف عنها ليست حقيقة موضوعية، وإنما هي حقيقة ذاتية ذات كثافة شعورية، تجسدها التأملات الروحية والصراعات الداخلية والحالات النفسية أكثر مما تجسدها الشخصيات والأحداث.
والمسرح الشعري عند الشاعر (عبده بدوي) يركز اهتمامه على الواقع الداخلي للشخصيات في علاقته الجدلية مع الواقع الخارجي كصورة للعالم وليس كصورة للنفس البشرية في فرديتها، إذ تبدو الشخصيات الفنية في المسرح الملحمي -في أغلب الأحيان- كائنات متنامية مرسومة من الداخل، ذات وجود متميز تربطها بالعالم علاقات جدلية معقدة.