تناول هذا البحث تلك العلاقات الخارجية التي كانت تجري بين الدولة المملوكية وبعض دول الجوار من مغول ومغاربة وعثمانيين، وهي علاقات كان أساسها دبلوماسية تعتمد السلام والتعاون والاحترام المتبادل منهاجًا لها في أغلب الأحيان، ولكن في بعض الأوقات ساد جوّ التوتر السياسي - بل والصدام العسكري - بسبب حساسية السلطة المملوكية اتجاه الدول التي انتهجت سياسية التوسع وبسط النفوذ على حساب أملاك المماليك غايتها، أو تلك الدول التي كانت تبدي عناية مبالغ فيه اتجاه الحرمين الشريفين وهو ما كان يغضب المماليك ويخرجهم عن جوّ الدبلوماسية الهادئة إلى جوّ التوتر والصدام، وقد تميزت علاقات المماليك بدول المغرب الإسلامي - على وجه العموم - بطابع الدبلوماسية الأخوية والتقارب فيما يخدم قضايا العالم الإسلامي، وهي امتداد لعلاقات قديمة مشرقية مغربية قبل قيام دولة المماليك، وبرزت العلاقات الدبلوماسية المملوكية مع المرينيّين أكثر من علاقاتهم مع الزيانيّين والحفصيّين، باعتبار أن بني مرين كانوا أكثر قوة ونفوذ في المنطقة، وهو ما كانت تقدّره الدبلوماسية المملوكية التي كانت تحترم الأقوى بين الدول.