جاءت فكرة البحث لدراسة علاقة الضمير بمفسره في مدونة شعرية ثرية مثل ديوان سِقط الزند لأبي العلاء المعري، ولا تقف الدراسة عند عتبات تتبع وصف الشكل القواعدي المتحقق لعلاقة الضمير بمفسره في الديوان، لكنها تبحث هذه الظاهرة بعين شرَّاح الديوان؛ انطلاقا من مسلمة مفادها أن أي شارح دينه وديدنه هو الإيضاح والتفسير؛ ومن ثم التصدي لكل ما يمكن أن يكون محتملا للبس أو غموض أو إيهام على أي مستوى من المستويات اللغوية، فبحثت الدراسة عن دوافع هؤلاء الشراح وأسبابهم لتناولهم للمواضع التي نصوا فيها على مفسر الضمير؛ ولِمَ يمكن أن تكون هذه المواضع موضع لبس للقارئ أو المتلقي فيما يخص علاقة الضمير بمفسره؟ إن الدراسة قد استطاعت الوصول إلى تسعة أسباب تنبأ الشراح – مجتمعين أو منفردين – من خلالها أن تكون مواضع لبس وأسبابا للإيهام والغموض في فهم الضمير على وجهه الصحيح، ولهذا كانت – هذه الأسباب – دافعا لتقرير الشارح – أو الشراح – للنصّ على مفسر الضمير. ولا أبالغ حين أقول إن في بعض الأحيان قد كان مدار شرح البيت الشعري كاملا هو بيان مفسر الضمير فحسب! في ظاهرة تستحق دراسة منفردة لدراسة ما وراء اللغة لهذه الشروح، ويأتي سبب اختيار أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري (ت449ه) لما لصاحبه من تمكن من اللغة وتحكم بأدواتها، رغم كونه ليس من رجال عصر الرواية! ومن جانب آخر ثراء الديوان ونشره مصحوبا بشرح ثلاثة من الأعلام، وقد طبق البحث المنهج الوصفي بخطواته: الاستقصاء: والإحصاء: والتصنيف: والتحليل: واستنتاج النتائج.