سعت هذه الدراسة إلى الكشف عن الفكر الفلسفي في شعر (يحيى بن زياد الحارثي)، والتي عكست رؤيته للعالم والحياة والمصير، فكشفت لنا نصوص الشاعر عن العقل الفلسفي الذي قاده بشكل تلقائي إلى الوعي العميق بالوجود فأنتجت لنا تأملاته منطق الحكمة والفكر الديني والأخلاقي، ومع ارتقاء وعيه وتجربته لجوهر الحياة؛ تشكل لنا العقل الفلسفي في قصيدة؛ لذا تأتي الحكمة على رأس أغراضه الشعرية، كما نجد الشاعر يعول كثيرا على مبدأ التجربة وهو مبدأ فلسفي؛ لذا ظهرت قدرته على معالجة القضايا الإنسانية بمعرفة فلسفية تكشف عن عقلية عبقرية في استيعاب الماضي والاستعداد للآتي، وارتبطت السعادة عند الشاعر بالامتنان للخالق والمخلوق، فالفضيلة عنده هي المبدأ الذي يحتكم للعقل والعرف والدين، وهي طريق الخلود، فكانت مرحلة الشيخوخة عنده وتقلبات الحال والأحوال؛ مرحلة من مراحل الوعي الفلسفي بفكرة الفناء، ويهدف البحث إلى تقديم تفسيرات شافية حول الأبعاد الفلسفية برؤية شعرية تحاول الكشف عن: مدى ارتباط الشعر بالفلسفة، وقدرة الشاعر على إخضاع القصيدة للعقل والمنطق والأخلاق، عبر تأملاته في الوجود وفلسفة المصير، ونظرًا لتعدد المعنى الشعري الذي يستدعي السياق الانتقائي لنقل القيمة في كلمة موجهة تثير التساؤلات بين الشاعر والمتلقي، فالتأويل بطبيعته يقوم على فرضية الظاهر والمستتر أو الباطن، فاللغة الشعرية ذات بعد رمزي عميق، لذا سيكون التأويل أداتنا للوصول إلى الجوهر الفلسفي في شعره، خاصة أن التأويل يفتح آفاق الدلالة نحو تعدد الفهم ونفيه للمطابقة التامة، وهذا ما يجعله مدخلًا مناسبًا للفكر الفلسفي، تم طرح الموضوع في أربعة مباحث: الحكمة، الحقائق الأزلية، فلسفة الأخلاق، وختاما النتيجة الحتمية ممثلة في فلسفة الموت، تليها الخاتمة ثم ثبت المصادر والمراجع.