المِنزالة هي المكان الذي خصص كمرفق من مرافق المسجد؛ ليكون مأوى ومبيتاً لعابر السبيل أو المسافر أو المنقطع، ولا ريب أن هذا المرفق الحيوي من حيث وظيفته الاجتماعية، يعد ظاهرة ثقافية فريدة لكونه اتسم بالشيوع في عسير، فضلاً عن كونه متصلاً بل منغرساً بالمجتمع في مجاله الثقافي، أما فرادته فلكون مسمى هذا المرفق على هذا النحو ووظيفته الاجتماعية اجترحها المجتمع في عسير، وتفرد بها – فيما نعلم – عن بقية المجتمعات المجاورة له، ولما كانت المنزالة ذات أهمية كبيرة، وتحظى بالعناية القصوى لدى المجتمع في عسير، فقد رأيت إفرادها بدراسة مستقلة، أسلط الضوء على هذا المرفق الحيوي، مبرزاً مكانته في الواقع التاريخي بعسير، حيث قسمتها إلى مبحثين، هما: المبحث الأول: المنزالة في السياق الاجتماعي في عسير، وفيه تطرقت إلى معنى المنزالة، مبرزاً وظيفتها الاجتماعية، وأهميتها، وكيفية الاهتمام بها، والإنفاق عليها، المبحث الثاني: محددات وعوامل ظهور المنزالة في عسير، وفيه تطرقت إلى العوامل الثقافية، والجغرافية، والدينية التي أسهمت في نشوئها وشيوعها، والجدير بالذكر أن معلومات هذا الموضوع تكاد تكون نادرةً، وعزيزة للغاية، بسبب انقطاعه تاريخياً، وكونه ضمن المفردات الثقافية والعمرانية التي تلاشت مع تلاشي ما يماثلها من مفردات الواقع الاجتماعي في عسير، عطفاً على شح مصادره التاريخية، باستثناء ما يرد على ألسنة الرواة والعارفين بصور وأشكال الحياة الاجتماعية القديمة. وفي مقابل كل ذلك فإن معظم المؤرخين المحدثين والباحثين والدارسين، أضربوا صفحاً عن طرق مثل هذا النوع من الدراسات، مكتفين بالموضوعات المندرجة ضمن الحقلين السياسي أو العسكري، أما دراساتهم في الحقل الاجتماعي فحتى إن وجدت، فهي على قلتها اتسمت بالعمومية.