القرآنُ الكريم هو المعجزةُ الخالدةُ لخاتم الأنبياء والمرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم -؛ لذا اهتمَّ به المسلمون تلاوةً وأداءً وتفسيرًا وإعرابًا، فكان الرَّحَى الذي قامتْ حوله العلُوم العربية والإسلاميّة بلْ وحضارة العرب والمسلمين، وقد ازدادَ اهتمامهم بأدائِه وتناقلوا كيفيَة الأداء عن النَّبي-صلى الله عليه وسلم-وألفوا كتبًا في كيفيَّة الأداء يصعبُ حصرها، وتُعرف بكتب "علم التَّجويد" لقد كان لعنصر الأخلاق عند اللغويين وعلماء التجويد خاصة مكانة عليا، باعتباره الأساس لبناء الحضارة، ولقد تناول هذا البحث مكانة الأخلاق والقيم التربوية عند أصحاب المنظومات التجويدية وشرَّاحها، ولاحظنا حرص علماء التجويد على غرسِ القيمِ النبيلة والأخلاقِ الحميدة كأساسٍ للحضارة، وتقدّم البشر، وأنّ ما تعانيه البشرية اليوم من تفكّك مردّه إلى انهيارِ الأخلاق والابتعاد عن القيم النبيلة كأساس للتعامل بين الأفراد والشعوب والحضارات، وقد لفت نظري حينما كنت أدرّس علم التجويد اشتمال هذه المنظومات، والقواعد الأدائية على كثير من القيم التربوية؛ وتناول البحث بعض القيم التربوية التي استنبطتها من المنظومات التجويدية بالبحث والشرح، وإلقاء الضوء عليها، ومن تلك القيم: القيم التربوية التعبدية كالتقوى، الجود، الازدياد في التقوى، تحقير الظالم، ممارسة شعائر الإسلام، والزهد... والقيم التربوية الأخلاقية، كالتسامح، الدعوة إلى اللين والرّفق، الشجاعة، وعلوّ الهمّة... والقيم التربوية الاجتماعية، وتزويد الإنسان بشحنات من الطاقة الروحية، والحضّ على أداء النوافل والأمر بأدائها، الدعوة إلى ملازمة العلماء، والطرافة والدعابة.