قد يكون موضوعنا هذا محتاجًا لأن يحتج له منهجيًّا من خلال ذكر الدواعي الحاملة على اختياره، سواء كانت ذاتية تتعلق بكوني أحمل إعجابًا فنيًّا خاصًّا بالمتنبي لم تزده الأيام إلا رسوخًا، مما يجعل تناول موضوع يلامس جزء من شخصيته وشعره يحقق غايات جمالية لدي، أما ثاني السببين فهو أن شخصية أبي الطيب –رغم ما حظيت به من اهتمام ودراسة– ما تزال بحاجة لمزيد الاهتمام، وهو ما أسعى في هذا البحث لأن أسهم فيه انطلاقًا من حدود إمكانياتي المعرفية والمنهجية، من خلال الوقوف على طبيعة نظرته للألوان أولًا، ثم معرفة طريقة توظيفه الجمالي لهذه الألوان، وقد لا يخفى على القارئ أن تعلق الموضوع بشخصية بحجم المتنبي يعرضه للتداخل مع موضوعات ذات صلة، فرغم أن الدراسات المنجزة عن أبي الطيب وشعره من الكثرة بمكان إلا أن المتعلق منها بهذه الجزئية المتناولة في هذا البحث محصور بالعد، إذ يمكن إجمال هذه النماذج في الدراسات التالية:  دلالة الألوان في شعر المتنبي، أحمد خاطرة، مجلة إضاءات نقدية في الأدبين العربي والفارسي 2014، السنة الرابعة، العدد 15، عنصر اللون في شعر المتنبي، عبد الله أحمد باقوزي، عام 2007، اللون المباشر وغير المباشر في شعر المتنبي، مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، المجلد 2013،العدد5، وهذه الدراسات لم تعالج الموضوع معالجة دقيقة ولم تربط بينه وبين النصوص الشعرية الربط المطلوب، وقد اعتمدت في دراستي هذه على المنهج البنيوي التكويني، وهو ما يقتضي الجمع بين مرامي النص من جهة مع الاستضاءة بظروف الناص أيضًا، فتلك -في نظري- الطريقة المثلى للابتعاد عن الرؤية الأحادية في التعامل مع الشعر.