يعدّ التراث هوية كل شعب على هذه الأرض, فحضور التراث يستدعي حضور الهوية بالضرورة لأي شعب في هذا العالم, لذلك كان لحضور التراث بعامة والشعبي بخاصة حضورًا في الشعر الفلسطيني, وقد شكّل حضور التراث في الشعر الفلسطيني علاقة مهمة في تاريخ القضية الفلسطينيّة, لاسيما أنها تعاني من التغريب الحضاري وطمس الهوية الوطنية, واجتثاث التراث والإنسان معًا, لذلك قام الشاعر الفلسطيني في توظيف هذا التراث, وخاصة الحكاية الشعبيّة في شعره بهدف الحفاظ على هويته, فقام بتضمين هذه الحكايات في شعره معتمدًا على آلية السرد, والرمز والإيحاء للهروب من المساءلة تارة, ولكي يثبت هويته وتاريخه وأحقيته في الأرض تارة أخرى. لقد استلهم الشعراء الفلسطينيون الحكايات الشعبيّة ووظفوها في شعرهم وبخاصة الشاعر سميح القاسم الذي وظف الحكاية الشعبيّة الفلسطينيّة في شعره لخدمة قضيته، وقد خلص البحث إلى عدة نتائج من أبرزها: أن الشعر الفلسطيني الحديث في توظيفه واستثماره للتراث قد حقق مجموعة من الأهداف أهمها: الكشف عن تشبثه بأرضه هذا على المستوى الوطني, أما على المستوى القومي فقد رسّخ الشاعر من خلال شعره انتمائه إلى الأمة العربية, وعلى المستوى الإنساني استطاع الشاعر الفلسطيني أن يجعل حركات التحرر والكفاح التي يخوضها الفلسطيني تأخذ بعداً إنسانياً, لقد جاء شعر (سميح القاسم) ثائراً حادّاً, مفعماً بالرغبة في الحياة والعدل, والتحرر من الظلم والمأساة, كما جاء شعره مفعماً بالحب والتمرد, وعدم اليأس, لقد كان مفعماً بالإيمان، وجد الشاعر الفلسطيني في الحكايات الشعبيّة مادة ثرية, يتواصل معها للتعبير عن قضاياه وقضايا شعبه وآماله, فأتجه إليها, يستلهم منها, ويستحضرها ويوظفها في أعماله الفنية, مستفيداً من الحس الجمعي, والروح الشعبيّة التي تحوم حولها, ومجسداً بذلك الهوية الوطنية في أدّق صورها.