تتناول هذه الصفحات دراسة ظاهرة تشابه البحور الشعرية، وتكشف عن معايير الترجيح في النسبة للبحور العروضية المتداخلة، متتبعة الآثار الفكرية والتصنيفية لتلك الترجيحات .
وذلك أنّ الزحافات والعلل تدخل على التفعيلات عروضًا وضربًا وأجزاءً، فتتغير تلك التفعيلات، ومن ضمن تلك التغييرات ما يصل بها إلى الاشتباه أو التشابه فينقلها من بحر إلى بحر آخر، فيحصل الخلط في النسبة للبحر العروضيّ، فنحتاج حينئذ إلى دقائق المتخصصين؛ ومعايير المحكمين التي تجزم لبحر دون بحر أو ترجح بحراً على بحر، فتقوم تلك المعيّينات والمرجحات مقام البرازخ الفاصلة بين العذوبة والملوحة.
  وبجانب تلك الاستقراءات للإصابات التي تصيب التفعيلات، فيحصل التشابه أو الاشتباه، وردت أبيات مشكلة بين بحرين بموجب تلك الاستقراءات، فنرى من ينسبها لأحد البحرين، وليست النسبة حينئذٍ لون مجازفة، وإنّما هي عن ترجيح بمعيار أو تعيين بقرينة كاشفة عن اعتماد بحر دون الآخر.
وقد فتشت في مصنفات الأقدمين والمعاصرين عن تلك الظاهرة (ظاهرة الاشتباه بين البحور الشعرية) ملقيًا الضوء على المعايير التي ترجح النسبة حال الاشتباه؛ لتكون عاملًا من عوامل إزالة الاشتباه بجانب غيرها مما يحتكم إليه حال التشابه.
وتكشف الدراسة عن قوة الترابط بين علم العروض بصفته علم نظم للشعر؛ وعلم النحو بأصوله وقواعده بصفته الجامع لتلك المعايير التي تضبط النسبة بين البحور.
كما تقدِّم الدراسة حلًّا للإشكال وإزالة للغموض في نسبة الأبيات للبحور المتشابهة لدى الباحثين في أبحاثهم الأكاديمية. 
وقد اعتمدت الدراسة ست معايير للترجيح: أولها: الحمل على الأصل وتقديمه على التفعيلة المتغيرة، ثانيها: الحمل على الخفة، ثالثها: ترجيح ما فيه تغير واحد على ما فيه تغييران، رابعها: الحمل على الزحاف أولى من الحمل على العلة، خامسها: الحمل على العلة المستحسنة أولى من القبيحة، سادسها: الحمل على ما سمع أولى من الحمل على ما لم يسمع.
وسبقت تلك المعايير بتمهيد يكشف عن الدلالة اللغوية والاصطلاحية للفظتي الاشتباه والتشابه، والاستعمال لتلك المصطلحات في التصنيفات العروضية.