رواية "طبيب أرياف" صدرت عن تجربة المؤلف الحية والمباشرة، خلال فترة عمله في الريف المصري كطبيب، وكان تمثيل الواقع المصري هو السمة الرئيسة في هذه الرواية.   وتصف الرواية الأوضاع الاجتماعية المتردية، في حياة الريف المصري في تلك الفترة، بين نهاية عصر الرئيس محمد أنور السادات وبداية عصر الرئيس مبارك. وتعرض هذه الرواية سوء الأحوال الصحية في المناطق الريفية، وصبر الفلاحين وعجزهم، وحياة النساء المقيدة تحت سلطة الذكورة، ونير التقاليد، وعجز الطبيب المتعاطف، وتفرده وعزلته وشكوكه في المستقبل، وقصة الغجر المحملة بروح الحرية والمقاومة. وقد أتى تصوير القرية بطريقة البناء المكاني بوجه عام، وإظهار الأبعاد الاجتماعية عبر بناء الشخصيات والأحداث حولها. ويتشابه رسم الشخصيات في الرواية مع رواية توفيق الحكيم الشهيرة "يوميات نائب في الأرياف". وهذا البحث يسعى إلى الكشف عن بناء الشخصيات في هاتين الروايتين، وإلى كشف عناصر الالتقاء والاختلاف في تشكيل الشخصيات في الروايتين، والمنهج المتبع هو المنهج التحليلي مستعينًا بالمنهج الاجتماعي، والمنهج الوصفي. وفي هذا الإطار يتناول البحث حياة جماعة الفلاحين المتمثلة في الروايتين عبر فترة زمنية بين عام 1937 و2020، والمشاكل التي يعانون منها متشابهة كانت أو مختلفة، وعزلة البطل الذي ينوب عن عامة شباب ذلك العصر، ذوي الأفكار والحماسة والطموح، في مجتمع يعوقهم عن التعبير، فيشاهدون العالم ويشعرون بالعجز، ويبحثون عن مستقبلهم غير الواضح في الضباب. ومن نقاطة الالتقاء بين الروايتين في بناء الشخصيات: أن في كل رواية منهما أكثر من عشر شخصيات، وتتكون من أربعة عناصر: الراوي، رجال الحكومة أو أصحاب  النفوذ، العنصر النسائي، والفلاحون، وهذا على وجه العموم. أما على وجه الخصوص، أي في بناء شخصيات محددة، فجاءت بعض نقاط الاختلاف.