تسعى هذه الدراسة إلى استكشاف استراتيجيات الإقناع الحجاجي/الجدلي وآليات الإقناع في خطابات المرأة في كتاب "بلاغات النساء" لابن طيفور؛ من خلال عينة بحثية تتمثل في خمس محاورات تمت بين الخليفة الأموي معاوية -رضي الله عنه- وخمسة من نساء العرب، وتكمن أهمية هذه الدراسة في جانبين رئيسين: أولهما: من جهة المادة المدروسة، وهي كتاب بلاغات النساء، وما له من قيمة أدبية بما يشتمل عليه من نصوص مائزة في موضوعها وبلاغتها، فضلا عن كونه أحد أهم المدونات العربية التي اهتمت بإبراز بلاغة المرأة العربية تحديدا. وثانيهما: من جهة المعالجة النقدية؛ إذ تسعى هذه الدراسة المتواضعة إلى الإسهام في هذه التراكمية المتزايدة بشكل جلي خلال العقود الأخيرة للدراسات النقدية والبلاغية الساعية لإجلاء خصائص الخطاب الحجاجي عامة، وإبراز الإسهام النسائي في بلاغتنا الحجاجية خاصة، وتحقيقا لأفضل النتائج البحثية المرجوة، فقد اعتمدت الدراسة على المنهج التداولي متمثلا في معطيات النظرية الحجاجية، مع الأخذ بما أُثر عن بلاغيينا القدماء من مباحث بلاغية قيمة وأدوات منهجية ناجعة في استكشاف استراتيجيات الحجاج وآدابه وطرائقه اللغوية والبلاغية... إلخ. وقد خلصت الدراسة إلى عدة نتائج منها: جاء خطاب النساء لمحاورهم خطابًا بلاغيًّا ونثرا فنيًّا رفيعًا مشتملاً على جل ألوان البديع من جناس وطباق وسجع وتوازن ومناسبة وإطناب؛ حيث وُظفت صور البديع المتنوعة بوصفها أدوات ناجعة في تحقيق فعل الإغراء والإقناع، بما تمتلكه من طاقة تأثيرية قوية في نفس المتلقي طربا بالإيقاع اللفظي، أو تلذذا بتدبر مكنونات المعنى الذي ينطوي عليه اللفظ.