للحجاج عند العرب غايات بينة، إذ ينبني على مفصد معين يرمي إلى تحقيقه إما بالحق وإما بالحق والباطل. ويستهدف تحقيقه منفعة أو منافع، إما خاصة
أو عامة، وتُعدُّ الدِّراساتُ الحِجاجيَّةُ مِن أبرزِ النَّظرياتِ الّتي تُعنَى بِتحليلِ النصوصِ الأدبيَةِ مِن مُنطلقاتٍ استدلاليَّةٍ تُبرِزُ قيِمَةَ الخِطابِ الإبداعيِّ، وتُجلِّي عَن مظاهرِ القُوَةِ والوَهَنِ فِيهِ، مِن خِلالِ عَددٍ مِن الاستراتِيجيَاتِ القَائمةِ عَلى بِلورةِ مِلامِحِ الدِّلالةِ المَنشودةِ مِن الخِطابِ وَفقَ مِعاييرَ بُرهانيَّةٍ يَسعَى المُرسِلُ إلَى تَضمِينِهَا فِي خِطابِهِ عَبْرَ وَحداتِه اللغويَّةِ والبلاغيَّةِ والدلاليةِ، وَانطلاقًا مِن هذِه الغَايةِ عُنِيَتِ الدِّراسةُ بِالكَشفِ عَن مُلابساتِ الخِطابِ السَّرديِ للِخُطبةِ الفدَكِيَةِ للسَّيِّدةِ فَاطمَةَ الزَّهراءِ من خلالِ ضوابطِ نظريةِ الحجاجِ؛ تبيانًا لغرضِ القِيلِ ومُناسبتِه، والغايةِ المرجوّةِ منها، على أن تجرى الدّراسةُ في ثلاثةِ مباحثَ، بالارتكازِ على النظريةِ الحِجاجيةِ، على نحوِ ما يلِي: المَبحثُ الأوّلُ: التّعريفُ بالخُطبةِ الفدكيةِ ودوافعِها. المَبحثُ الثَّاني: مظاهرُ الحِجاجِ البلاغيّ واللُّغويِّ في الخُطبةِ الفدكيةِ. المبحثُ الثَّالثُ: الدّلالاتُ المُنبثقةُ عَن النّظمِ اللُّغويِّ في الخُطبةِ الفدَكيةِ، وذلكَ بالاستئناسِ بعددٍ من المبَاحثِ الفرعيةِ المُنوّهِ بها في محالِّها من البحثِ، تحتَ كلِّ عتبةٍ أصيلةٍ من عتباتِ الدّراسةِ يأتي بيانُها في تَضاعيفِ المَباحثِ.