إن المُلح والنوادر لا يمكن النظر إليها على أنها مجرد أفكار عابرة وضحكات ساخرة بل إنها تنقل صورة مصغرة للمجتمع العباسي حيث ترسم صوراً للأشخاص في هذا العصر، وتدلي بدلوها في التعبير عن طبائعهم وأخلاقهم وثقافتهم وكثير من المعاني الإنسانية والنفسية والسياسية.
ويهدف البحث إلى: الكشف عن بلاغة نوادر أبي العيناء وأبرز سماتها الأسلوبية، وقيمة نوادر أبي العيناء تتمثل في أنها قد صيغت صياغة فنية، عنى فيها
أبو العيناء ببلاغة الأساليب واختيار الألفاظ الفصيحة وهذه هي مهمة الأديب البليغ.أما المنهج المتبع في البحث: فهو المنهج التحليلي، وقد سبقه أولاً جمع نوادر أبي العيناء من العديد من المصنفات.
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج، منها: أن أبا العيناء متندر حاضر البديهة سريع الجواب لديه القدرة على تطويع اللفظ بما يتناسب مع مقتضيات الأحوال حيث عمد في نوادره أحياناً إلى النحت والتصحيف، كما جاءت كثير من نوادره مفحمة مسكتة وأخرى حجاجية، كما تميزت نوادر أبي العيناء بالإيجاز حيث اللفظ قليل ودلالاته واسعة، وبروعة في التعبير أضفت على نوادره جمالاً، وأبو العيناء ناثر بليغ يعتني بكلماته فإن كان في موقف يستدعي إفحام المخاطب كانت كلمته المدهشة المسكتة التي يعجز المخاطب عن صدها من هول الصدمة فيبتلع لسانه مندهشاً صامتاً.
كما تتنوع أساليب الحجاج في النوادر حسب غايات المتندر ومقاصده، ومن أساليب الحجاج المميزة لنادرة أبي العيناء: أسلوب الاستفهام، الشاهد، التضمين.