فنُّ النقائض فنٌّ عربيٌّ قديم، له أصولُه الراسخة، وهو قالبٌ أدبيٌّ قال فيه الشعراء، وقد انتهى به بعضُ الباحثين إلى العصر الأمويّ، ولم يردُّوا أصوله إلى ما قبل ذلك، حتى لقد ذهب الدكتور إحسان النصّ إلى أنّه يوشكُ أن يكون فنًّا أمويًا خالصًا، وأنّه في العصر الجاهلي كان يحمل طابع السذاجة الفنيّة، بينما أكَّدَ الأستاذ أحمد الشايب أنّ النقائض الجاهلية تكاملت عناصرها، وخضعت للتحدِّي الموضوعي والمعنوي والموسيقي، وتمَّت لها قواعدها المعروفة، وخصوصًا عندما كثُرت الأيَّام والحروب، وحَمِيَتْ العصبيات، وتقدَّم الشعر، وظهر الفحول، واستحرى التحدِّي بينهم، وتعاظمت الجاهلية في نفوسهم، لكنَّها –مع ذلك- لم تبلغ من القوة والطول والدقّة والسيرورة والعناية والتأثير ما بلغته أيَّام الأمويين.
        وفي هذا السياق تكمن أهمية هذا البحث: "فنُّ النقائضِ في شعر الهذليين – دراسة تحليلية"؛ فهو حَلْقة مهمة في التأريخ لهذا الفن، لاسيما في العصر الجاهلي، وتزداد أهميته كونُه خاصًّا بقبيلة "هذيل"، وهي قبيلة مشهودٌ لها بالفصاحة والنبوغ في الشعر، وأيضًا فديوانها هو الديوان الوحيد الذي وصل إلينا من دواوين القبائل.
وقد عرّف البحث بالنقيضة، وتحدّث حديثًا مقتضبًا عن أهمية شعر الهذليين، ثم تكلّم على طبعات ديوان الهذليين، والطبعة التي اعتمدها، ولماذا؟ وانقسم البحث بعد ذلك إلى قسمين كبيرين: قسمٍ تناول البنية المعنوية للنقائض الهذلية، وشقَّق فيها الكلام. وقسمٍ تناول بنيتها الفنيّة؛ فتحدَّث عن التصوير الفنّي، وتناول مسألة الكمّ، وتعرَّض لظاهرة الغرابة، وتحدَّث في أوزان النقائض. ثمَّ جاءت خاتمة البحث، وفيها أهمُّ النتائج التي انتهت إليها الدراسة، ثمَّ ثَبَتٌ بالمصادر والمراجع.
        وقد اعتمد البحث المنهج الوصفيّ، الذي يَرْصُدُ الظواهر ويصفها، ويحاول أن يفسِّرها من خلال إجراءاته، التي من أهمّها إجراءُ التحليل، متحرِّرًا من إسار الفروض المسبقة والأهواء العالقة، معتمدًا على النصوص في استجلاء الأمور والحقائق.