أدت عوامل مختلفة كالصراعات والحروب والتقلبات السياسية و المجاعات والأوبئة وغيرها -في معظم الأحيان- إلى هجرات اضطرارية أو اختيارية للصناع والفنانين المسلمين إلى مواطن أخرى قريبة أو بعيدة عن موطنهم الأصلي، فنقلوا معهم أساليبهم الصناعية والزخرفية التي تعلموها وأتقنوها في بلدانهم الأصلية إلى البلدان التي هاجروا إليها، وقد تكررت هذه الظاهرة طوال العصور الإسلامية بدءًا من العصر العباسي وامتدادًا حتى عصر الأسرة العلوية في مصر، كما شملت أصقاعَا شاسعة ومتباعدة من العالم الإسلامي في الفترة ذاتها، من إيران شرقًا وحتى الأندلس غربًا، وينسحب هذا الأمر على الخزافين، حيث قدموا دورًا بالغ الأهمية في نقل تلك المؤثرات الفنية، ونعني بها الأساليب الصناعية والزخرفية في صناعة وزخرفة الخزف بين أقاليم العالم الإسلامي وعلى امتداد قرون طويلة، وتهدف الدراسة إلى إبراز دور أولئك الخزافين في نقل تلك التأثيرات الفنية من مواطنها الأصلية إلى المواطن الجديدة التي انتقلوا إليها، وكذلك مظاهرها على الخزف الإسلامي من العصر العباسي وحتى عصر الأسرة العلوية في مصر، وذلك اعتمادًا على الأدلة التاريخية والأثرية من خلال ما عثر عليه من منتجات وأعمال بعض أولئك الخزافين الذين سجلوا أسماءهم على إنتاجهم الخزفي أثبتوا فيه نسبتهم إلى مناطق أخرى غير التي عثر على إنتاجهم بها ودور كل منهم في ضوء أعمالهم الخزفية تلك.