يكمن الغرض الرئيس لهذه الدراسة في تحليل وعرض الاستخدام المتنوع للنماذج الأسطورية (Exempla) في شعر مارتياليس، لإلقاء الضوء على رؤيته الفنية، التي أعرب من خلالها صراحةً عن اعتراضه على إحياء النماذج الملحمية القديمة، ودفاعه في الوقت ذاته عن الإيجاز، وحجم الأعمال الأدبية الصغير. كما تتناول الورقة العلمية الوسيلة التي استعان بها الشاعر لتوضيح هذه الرؤية والتي تتمثل في عرضه البارع لنماذج (exempla) من الحلقات الأسطورية الملحمية (κύκλοι Ἐπικοί μυθικοί) ذات الأهمية الكبيرة المتعلقة بالحلقات الطروادية (Τρωικός κύκλος) والحلقة الطيبية (κύκλος Θηβαϊκὸς) وحلقة بحارة الأرجو (Ἀργοναυτικός κύκλος). ولذا تحاول هذه الدراسة إثبات أن الشاعر يقوم بإسقاط هذه النماذج الأسطورية على مواقف من الواقع المعاصر ليقدم تصوره الخاص حول بعض الحقائق التاريخية المعاصرة والقيم الأخلاقية -التي اختفت تمامًا في مجتمعه المعاصر-وكذلك انتشار المادية الجامحة والعهر والاستغلال، الخيانة، الزنا، الجشع، إلخ. كما تبين الورقة العلمية من خلال تلميحات مارتياليس إلى القيمة الفنية والأهمية الخالدة للملاحم الهوميرية والإنيادة، أن احتجاجه على الملحمة كجنس أدبي ليس مطلقًا، ولكنه فقط يعيب على المبدعين المعاصرين تضييع أوقاتهم هباءً في تأليف نسخ مطابقة للأصول الأسطورية محكوم عليها بالفشل ولا تمثل إبداعًا حقيقيًا.