تسعى هذه الدّراسة إلى رصد صورة متكاملة لبدو عُمان كما قدّمها كتاب «الرمال العربية» للمستشرق والرحّالة البريطاني ويلفريد ثيسيجر Wilfred Thesiger (1910 - 2003). وقد قضى ثيسيجر تسعَ سنوات مستكشفًا أفريقيا وبعض أقطار العالم العربيّ قبل أن يعيش مدّة خمس سنوات أُخرى (1945 – 1950) في جنوب عُمان برفقة البدو، والصّحراء.
ويدين ثيسيجر لتجربته الثّريّة في اكتشاف إِحدى أقسى صحارى العَالم، والاقتراب من حياة مجتمع الهامش، إلى خصوصيّة علاقته ببدو عُمان، وعلى رأسهم «ابن كبينة» و«ابن غبيشة»، فمهّدوا له مهمّة عبور صحراء الرّبع الخالي مرّتين على نحوٍ غير مسبوق، وجسّروا المجتمعَ البدوي لمعايشة الغريب وتقبّله بينهم. كما يدين لهذه التجربة بجملتها بفضل تقريبه من أَسرار العالم الرُّوحيّ ليكشف وجهًا نقيضًا من الحياة مغايرًا للعالم المادّي المهيمن على أوروبا – كما يقول.
يقدّم ثيسيجر تجربته هذه في مقالات نشرها متفرّقة قبل أن يجمعها في كتابه «الرمال العربية» (Arabian Sands). والمطّلع على هذا الكتاب يتبيّن صورةً لبدو عُمان تشفّ عن إعجاب ثيسيجر الشّديد بنبل أخلاقهم، وصبرهم وشجاعتهم وكرمهم وأمانتهم، وإيثارهم شظف العيش على رغده.
لكن إلى جانب هذه الصّورة المشرقة المهيمنة على جملة تفاصيل تجربة ثيسجر بين بدو عُمان، والصّحراء، تحضر صور أُخرى تُرْسَمُ من تأفّفه من فضولِ البدو، وتنمّر بعض أطفالهم عليه لتخلّفه عن مشاركة النّاس الصّلاة، وغيرها.