الشريعة الإسلامية المطهرة تأمر بالتحري في الكثير من الأحكام الفقهية، خاصة عندما يطرأ على المسلم من الأحوال ما يجعل حكم الله مشتبهًا عليه، وللخروج من هذا الاشتباه طرق كثيرة ذكرها العلماء، ومن أشهر هذه الطرق وأهمها طريق التحري، والناس يحتاجون إليه كثيرًا، لكثرة ما يقع لهم من الشك والاشتباه.     ومن هذا المقام تساءلت عن معنى التحري وأثره؟ والألفاظ ذات الصلة بالتحري؟، وأدلة مشروعيته، وأسبابه، وللإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها عزمت على الكتابة في هذا الموضوع، وأن أقدم فيه بحثًا بعنوان: التـَّحَـرِّي وأثـــره فـــي أحكـــام الطهـارة دراســة فقهيـة مقارنـة.    وتتجلى أهمية الموضوع في أهمية التحري في أمور الدين عمومًا وفي أحكام الطهارة خصوصًا، وأن العمل بالتحري يورّث طمأنينةً في القلب، ويجعل المسلم بعيدًا عن الشبهة، وهو مخرج مهم، يدل على كمال الشريعة ويسرها وشمولها.     ومن أسباب اختيار الموضوع كثرة مسائل الطهارة التي يظهر من أحكامها التأثّر بالتحري؛ حيث كنتُ أقف غالبًا مع الأحكام لتَبَيُّنِ عللها والنظر في مقاصدها، فلما بدتْ لي كثرة هذه المسائل في هذا الباب؛ أردتُ - مستعينًا بالله - أن أجمع بعض ما تفرّق من ذلك في هذا البحث، كما أن موضوع التـَّحَـرِّي وأثـــره فـــي أحكـــام الطهـارة يتناول جانبًا مهمًا في حياة المسلم، حيث إنه يتعلق بعبادته لربه التي هي سبب فلاحه في الدنيا والآخرة.    وقد تكون البحث من مقدمة، وتمهيد, وخمسة مباحث وخاتمة، وفهرس المصادر والمراجع، أما المقدمة فبينت فيها أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأما التمهيد: فتناولت فيه بيان حقيقـــــــــة التحــرِّي والأثر، والألفاظ ذات الصلة بالتحري، وأدلة مشروعيتــه، وأسبابــه، وضوابط العمل به، وأما المبحث الأول: فقد تناولت فيه التحــــري وأثــــره فــــي أحكــــام الميــــاه، وأما المبحث الثاني: فقد تناولت فيه التحــــري وأثــــره في أحكــــام الاستنجــــاء، وأما المبحث الثالث: فقد تناولت فيه التحــــري وأثــــره في أحكــــام الثيــــاب، وأما المبحث الرابع: فقد تناولت فيه التحــــري وأثــــره فــــي أحكــــام التيــــمم، وأما المبحث الخامس: فقد تناولت فيه التحـــري وأثــــره فـــي أحكــــام الحيـــض، وأما الخاتمة: فقد ضمنتها أهم النتائج التي أسفر عنها البحث.