إن الجزيرة العربية تحتل موقعًا استراتيجيًا في العالم فهي متوسطة لثلاث قارات وتشرف على معابر بحرية مهمة في العالم، كما أن للجزيرة العربية مكانة دينية عند المسلمين؛ فمنها مبعث خاتم الأنبياء والمرسلين ﷺ وبداية دعوته، ومهبط الوحي وقبلة المسلمين، ومنها انطلقت أعظم دولة شرعًا ونظامًا وعدلًا، وإليها يشد المسلمون الرحال للحج والعمرة، كما أنها تتمتع بحضارة عريقة امتدت من عصر ما قبل الإسلام ولا تزال آثار هذه الحضارة واضحة المعالم حتى وقتنا الحالي، بالإضافة إلى ما تتمتع به الجزيرة العربية في الوقت الحالي من ثروات وموارد طبيعية ساعدت على تنمية وتعزيز المنطقة بشكل أفضل. ولكافة هذه العوامل التي حظيت بها الجزيرة العربية أصبحت محل اهتمام المؤرخين والرحالة، ويأتي في مقدمتهم الرحالة جون فيلبي (عبدالله فيلبي) الذي كان ومهتمًا بالثقافة العربية حتى قبل زيارته للجزيرة، فقد تعلم اللغة العربية وقرأ أجزاء من القرآن الكريم وذلك أثناء أدائه لعمله في الهند، ثم يجده الباحث -لارتباطه بالثقافة العربية واهتمامه بها- يُكلف من الحكومة البريطانية بالعمل في العراق؛ لحاجتها لخبراء في اللغة، فانتقل على جناح السرعة ووصل إلى البصرة، وكلف في عام 1335هـ/1917م بقيادة بعثة إلى الملك عبدالعزيز، وكتب عنها تقريرًا رفعه إلى الحكومة البريطانية، وقد طبع هذا التقرير تحت عنوان (بعثة إلى نجد) ، ومن تلك الفترة بدأت رحلات فيلبي الكثيرة في الجزيرة العربية، ولم ينقطع بعدها اتصاله بها.