هَذِهِ دِرَاسَةٌ بنيويَّةٌ أُسْلُوبِيَّةٌ لنَصِّ الأَيَّامِ؛ بوصْفِهِ نَصًّا إِشْكاليًّا مُراوِغًا بينَ الرّوايَةِ والسِّيرَةِ الذَاتيَّةِ، أَملَاهُ سَارِدُهُ بِشَكْلٍ مُتفرّدٍ، بمَا لدَيهِ مِنْ مَقدِرَةٍ اُسْلُوبِيَّةٍ فَذَّةٍ، استَطَاعَ أنْ يُوظِّفَها في نَصِّ الأَيَّامِ، كمَا جَاءَ سَردُ الأَحْدَاثِ بشَكلٍ مختلفٍ يؤكّدُ ريادةَ طه حُسَين لأدبِ السِّيرَةِ الذَّاتِيّةِ في العصرِ الحديثِ. وَقَدْ مَثَّلَ نصُّ الأَيَّام رافدًا إبداعيًّا جديدًا لفنِّ السِّيرَةِ والرِّوَايَةِ عَلَى حدٍّ سَواءٍ؛ نَظَرًا للتَّداخُلِ واللَّغطِ الدَّائرِ بَينَهما، كَمَا مَثَّلَ تيَارًا لِلوَعْيِ ضِدَّ الجَهْلِ والخُرَافةِ وفُقدَانِ الوَعي؛ مِمَّا أَفْقدَهُ بَصَرهُ؛ فأَضَاءَ بَصِيرتَه، فَعَمدَ من خِلَالِ الأَيَّامِ أنْ يَدُقَّ ناقُوسَ الخَطَرِ في وِجْدَانِ الأُمَّةِ، مُنبِّهًا إيَّاها حَتَّى لا يُصِيبَ غيرَهُ ما أَصَابَهُ مِنْ أَلَمٍ ومُعَانَاةٍ. عَمَدَ السَّارِدُ إلَى تَقْدِيمِ تَجَربتهِ الذّاتيَّةِ في شَحْنٍ إبستمولُوجِيّ وسيكُولُوجيّ وسُوسيُولوجِي؛ ولكِنّها لمْ تَخْلُ مِنَ المُتْعَةِ والإبْدَاعِ، واِنطِلَاقًا من مفهومِ المرَايا المُتَجَاوِرَةِ؛  الذي يَرَى  النَّصَّ السِّير ذَاتِيّ مِرآةً لِسِيرَةِ  صَاحِبهِ الشَّخْصِيَّةِ والفِكْرِيَّةِ. دَرَسْتُ النصّ بنيويًّا وأُسلُوبيًّا؛ فمن الناحية البنيويَّةِ توقَّفَ البحثُ أمام التَكْوِينِ البنيويِّ لنصّ الأَيَّامِ؛ فوجدَ أنّ الحِكايةَ السَّرديَّةَ لنصِّ الأَيَّامِ  تَمُورُ بينَ الذَّاتيّ والموضوعيّ. جاءَ التَّقسِيمُ الشَّكْليّ للكِتَابِ مُتجاوبًا مع تطوّر الحدثِ والشَّخصيَّاتِ والكُرونوتُوب؛ فَحَدثَ التَّمَاهِي بينَ بِنْيَةِ الأَجزاءِ وتصَادٍ  بينَ الحَدثِ والسَّاردِ، وسيطرتْ تِقنيَةُ الاستِرجَاعِ كما كَانَ لِلمَكَانِ والوَصفِ دَورهُمَا في البنيَةِ السَّرْديَّة، وعلى آليَّاتِ السَّرْدِ، كما  درسَ البحثُ إشكاليّة بناءِ النّصّ بينَ السِّيرَةِ الذَّاتِيَّةِ والرِّوَايَةِ؛ وانتَقَلَ إلَى دِرَاسَةِ النَّصِّ السِّيرِيّ دِرَاسَةً أُسْلُوبيّةً من حيثُ ابتِداعُهُ ضَمِيرَ الغائِبِ، والطَّفرَات الأُسلُوبيَّةِ، والإيقَاعِ الصَّوتيّ.