يهدف البحث إلى سبر كتاب : " المقدمة " لأبي عمرو بن الصلاح ، وجمع ما تفرَّقَ فيه من تعقبات للحافظ ابن الصلاح على الخطيب البغدادي ، هذه التعقبات النفيسة التي أودعها ابن الصلاح في كتابه الفذِّ ، والتي استدركها على الخطيب البغدادي ، وقد قام الباحث بدراسة كل تعقب منها على حدة ، ونقل أقوال العلماء حول هذه التعقبات ، والإجابة عنها ، ثم قام الباحث - أيضًا - بتحليل هذه التعقبات وبيان الراجح في كل تعقب ، ومدى إصابة المتعقِّـب فيه ، وبيان مدى تأثر المتعقِّـب والمتعقَّـب بالمناهج العلمية التي لها علاقة بعلوم الحديث كمنهج الفقهاء والأصوليين ، وقد سلك الباحث منهج الاستقراء والتحليل في دراسته ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
ومن أهم نتائج هذا البحث: أن أبرزت لنا هذه التعقبات جانبًا من تطور التصنيف في علم مصطلح الحديث وضبط أنواعه ومصطلحاته بين جيل أبي بكر الخطيب وطبقته في أواخر القرن الرابع ، وبين جيل ابن الصلاح وطبقته في القرن السابع, وأن التعقبات قد تقوم على اختلاف وجهات النظر بين العالمين: المتعقِّب والمتعقَّب، فالشخصية النقدية للعالم لها أثر في ذلك, وأن تعقب العلماء على من سبقهم يكشف بعض الأوهام التي وقع فيها السابقون، وهذا لا شك له فائدة كبيرة في تصحيح القضايا العلمية وضبطها وإثرائها, وأنه لا يلزم كون المتعقِّب مصيبًا، ولا كون المتعقَّب مخطئًا، فالمتعقِّب قد يصيب وقد يخطئ في تعقبه ؛ فلا ينبغي تقليده قبل دراسة موضوع التعقب دراسة وافية, وأن تعقبات ابن الصلاح على الخطيب البغدادي أظهرت لنا بعضا من العوامل التي لأجلها ارتفعت منزلة كتاب ابن الصلاح عند العلماء.