يمتاز الضرر المعنوي بطبيعته الخاصة التي تجعله مفترض دائماً، لأن محل إثباته لا يتعلق بإثبات الضرر في ذاته، وإنما ينصب على واقعة الاعتداء التي ينسب إليها الضرر. ويتطور مفهوم الضرر المعنوي وافتراضه على حدٍّ سواء تبعاً لتطور المصالح الاجتماعية والاقتصادية. وافتراض الضرر المعنوي لا يقبل إثبات العكس إلا في حالات نادرة؛ تؤكد فيها القرائن أن حالة مدعي الضرر تخرج عن نواميس الطبيعة البشرية، أو تكذبها الأدلة الظاهرة.
وتكفي القواعد العامة في المسؤولية المدنية في مصر واليمن وفرنسا للجزم بقيام افتراض الضرر المعنوي، لكنها تعجز عن معالجة أهم المسائل المتعلقة به بشكل واضح، خصوصاً فيما يتعلق بإثبات عكسه، ومعايير تقدير التعويض عنه، ومدى قيامه في بعض الحالات الاستثنائية. ومع هذا، فهذا الافتراض محل اتفاق فقهي وقضائي، حتى وإن لم يعبر عنه الفقهاء بلفظ الافتراض صراحة، إلا أن الاهتمام به في مصر واليمن وغيرها من البلدان العربية يبدو ضئيلاً مقارنة بالواقع الفقهي والقضائي والتشريعي في فرنسا.
لذلك توصي هذه الدراسة بإعادة تنظيم الحقوق الشخصية الواردة في القانون المدني في كل من مصر واليمن، بما يتضمن التأكيد على افتراض الضرر المعنوي بمجرد الاعتداء على الكيان المعنوي للإنسان، كما توصي باستحداث مواد قانونية تنظم على نحو خاص قيام الضرر المعنوي، وتقدير التعويض عنه ضمن النصوص الخاصة بقواعد قيام المسؤولية المدنية، والنص في التعديلات والمواد المستحدثة على الأحكام الكفيلة بضمان عدالة وكفاءة التعويض عن الضرر المعنوي المفترض.
Abstract:
Moral damages are presumed in all cases, as their proof does not focus on the damage itself, but rather on the act of aggression to which the damage is attributed. The concept of moral damages and its presumption evolve alongside the development of social and economic interests. This presumption can only be rebutted in rare cases, where evidence contradicts the plaintiff's claim or contradicts human nature.
Civil liability rules in Egypt, Yemen, and France are sufficient to establish the presumption of moral damages, but they fail to address key issues clearly, particularly regarding rebutting the presumption, assessing compensation, and its applicability in exceptional cases. Despite this, the presumption enjoys jurisprudential and judicial consensus, even if not explicitly referred to as such by legal scholars. However, its attention in Egypt, Yemen, and other Arab countries seems limited compared to France.
Therefore, this study recommends reorganizing personal rights in the civil codes of Egypt and Yemen to emphasize the presumption of moral damages upon any aggression against a person's moral entity. It also recommends introducing specific legal provisions regulating the occurrence of moral damages and assessing compensation within the framework of civil liability rules. Amendments and new articles should include provisions guaranteeing fair and efficient compensation for presumed moral damages.