لا شك أن هناك علاقة وطيدة الصلة بين التغيرات المناخية والظاهرة الإجرامية، حيث تشير الإحصائيات إلى وجود صلة بين التغيرات المناخية وبين كمية الجرائم المرتكبة، ففي إيطاليا أكدت الإحصائيات أن نسبة الإجرام في الجنوب حيث ترتفع درجة الحرارة، أزيد منها في الشمال حيث تقل درجة الحرارة، ونفس الأمر في فرنسا وإيطاليا وألمانيا ومصر، حيث تزداد نسبة الإجرام في جنوب هذه البلاد عنها في شمالها، كذلك يختلف نوع الجريمة باختلاف المناطق.

فالإنسان كما رآه لامبروزو في كتابه الإنسان المجرم هو نتاج للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو الحضارية، فليست هناك جريمة تنشأ من فراغ، فتقع اعتباطًا أو عشوائيًا، وإنما تقع الجريمة دائمًا نتيجة تفاعل مجموعتين من العوامل، هما عوامل البيئة (الخارجية) والعوامل الفردية (الداخلية)، لهذا تمثل الظروف الخارجية على الشخص قوة الضغط أو العامل المثير.

كما وجد أن التغير المناخي قد أدى إلي زيادة معدلات الجريمة وأنماطها على مستوى العالم، إذ وجد أن هناك علاقة وثيقة بين ارتفاع درجة الحرارة وزيادة معدلات الجريمة، إذ أشارت نتائج الدراسات التي أجريت استنادا إلى بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة خلال الفترة من 1960-2009، وقد وجد أن للتغير المناخي آثار جسيمة على انتشار الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذى أكده تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات عام 2021.

وتأسيسًا على ما سبق عزمنا على تناول أثر التغيرات المناخية على الظاهرة الإجرامية باستخدام المنهج الوصفي التحليلي من خلال المباحث التالية:

المبحث التمهيدي: ماهية التغيرات المناخية.

المبحث الأول: العلاقة بين التغيرات المناخية والظاهرة الإجرامية.

المبحث الثاني: تفسير العلاقة بين التغيرات المناخية والظاهرة الإجرامية.