يهدف هذا البحث إلى بيان النعم الإلهية، والمنح الربانية التي أنعم الله بها على الإنسان، وعلى رأسها نعمة الصحة التي لا يعرف قدرها إلا من فقدها.
   وبالنظر إلى معظم الأمراض التي يُصاب بها الإنسان قديما وحديثا تبين أنها ترجع إلى نقص الغذاء، أو الإفراط في تناوله؛ على الرغم من تناول القرآن الكريم لهذا الأمر، ومعالجته له بعبارة وجيزة، حيث قال – تعالى -  ﴿ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ﴾ [ﮌ c:31]، وتناوله النبي – صلى الله عليه وسلم – أيضا في كثير من أحاديثه، على جهة الآداب، والتدابير التي ينبغي على المسلم مراعاتها عند تناوله لطعامه وشرابه، و كيفية ذلك، ومقدارها بالقدر الذي يحفظ على الانسان صحته، مع تحقيق التوازن الغذائي التام الذي تنبني عليه قوة الجسد، فلا يأكل المسلم حتى يجوع، وإذا أكل لا يملأ بطنه، حتى لا يصل إلى حد التخمة؛ بل يكفيه بعض اللقيمات التي يقوي بها جسده.
 لذا: وفقني الله لاختيار هذا البحث لبيان أهم هذه الآداب في ضوء سنة النبي الأمين -صلى الله عليه وسلم -، وربطها بما توصل إليه الطب الحديث.
   وقد اتبعت في هذا البحث المنهج الاستقرائي التحليلي القائم على استقراء كتب المتون، وشروح الحديث؛ لجمع الروايات التي تتعلق بآداب تناول الطعام والشراب، وكذلك المنهج النقدي، والمقارن؛ لجمع الأقوال التي نُشرت في كتب الطب القديم، ومقارنتها بما توصل إليه الطب الحديث لأثبت مدى الاتفاق بينها وبين ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من حقائق علمية، واكتشافات طبية أبهرت المتخصصين, وحيرت العقول منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان لتزيل شكوك المشككين، وتقدح أدلتهم، وترد كيدهم، وتزيد الذين آمنوا إيمانًا، وليظهر للجميع أن الآداب التي وضعها النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت غاية في الدقة العلمية. ﴿ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ﴾ [ﮌ ³:3].