"لا يعرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية" هذه حقيقة تشير إلى أن فهم القرآن يعتمد بشكل كبير على معرفة كافية بالبيئة التي نزل فيها، وإدراك جيد لأحوالهم الدينية والثقافية والاجتماعية، لأن هذه الأحوال تمثل أسبابا عامة لنزول القرآن، والعلم بالسبب طريق للعلم بالمسبب.
من هنا جاء هذا البحث ليقدم دراسة قرآنية لإحدى العبادات الكبرى التي كانت موجودة قبل الإسلام، وبمنهج تاريخي يقوم البحث بدراسة كافية لمناسك الحج في الجاهلية، ويتتبع على الخصوص مظاهر الانحراف التي أصابتها، ويوضح منهج القرآن في معالجتها، وتصحيحها.
وقدم البحث مقارنة بين مناسك الحج في الجاهلية ، ومناسك الحج في الإسلام ، كالإحرام ، والتلبية ، والوقوف بعرفة، والطواف والسعي ، وغيرها من المناسك.
ليخرج في النهاية بنتائج تظهر كثيرا من العجائب التي أضيفت إلى هذه العبادة القادمة من التاريخ الإسلامي البعيد ، وتساعد في فهم كثير من الآيات الواردة في القرآن الكريم، وتثبت أن القرآن لم يكن أثرا من آثار البيئة كما يزعم المستشرقون بل كان مصوبا ومصححا لانحرافاتها، وتظهر أصالة التشريع الإسلامي وتميزه بين الأديان.
وانتهى البحث إلى عدد من النتائج منها:
1- ظهرت لنا عشرات المواطن التي خالف فيها الإسلام دين الجاهلية، في ركن واحد من أركان الإسلام، وهو الأمر الذي يقوم دليلا واضحا على أصالة التشريع الإسلامي وتميزه.
2- اتضحت لنا من خلال الدراسة أهمية الاطلاع على تاريخ العرب قبل الإسلام، ودوره التأسيسي في فهم القرآن، وحل مشكلات التفسير.
3- بين البحث أن مناسك الحج في الجاهلية لم تكن شيئا واحدا لجميع الحجاج، بل كان لطائفة "الحمس" مناسك خاصة تنفرد بها عن بقية العرب، وتتميز بها عليهم.
4- رصد البحث مقدار الفساد الذي أحدثه الشرك في عبادات العرب قبل الإسلام، حيث خالط أكثر مناسك الحج من التلبية والطواف والسعي وغيرها، ورصد تأثير ما يمكن تسميته "بالتدين المادي" الذي يقدم صورة العبادة لأغراض ومقاصد دنيوية معزولة عن أمر الآخرة.