Subjects
-Abstract
العلوم البلاغية وإن عظم في الشرف شأنها ، وعلا على أوج الشمس قدرها إلا أن علم البيان هو أميرها وواسطة عقدها، والكناية منه بمنزلته من علوم البلاغة وكيف لا وقد أفاض البلغاء في الحديث عنها تعريفا وتقسيما وعن سر جمال التعبير بها ما يمتنع على الحصر فقد ( قال السكاكي : الكناية تتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة ، فإن كانت عرضية فالمناسب أن تسمى تعريضاً وإلا فإن كان بينها وبين المكنى عنه مسافة متباعدة لكثرة الوسائط ...فالمناسب أن تسمى تلويحاً لأن التلويح هو أن تشير إلى غيرك عن بُعد، وإلا فإن كان فيها نوع خفاء فالمناسب أن تسمى رمزاً لأن الرمز هو أن تشير إلى قريب منك على سبيل الخفية ...وقد أطبق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة وأن الاستعارة أبلغ من التصريح ... وأن الكناية أبلغ من الإفصاح بالذكر قال الشيخ عبد القاهر ليس ذلك لأن الواحد من هذه الأمور يفيد زيادة في المعنى نفسه لا يفيدها خلافه بل لأنه يفيد تأكيداً لإثبات المعنى لا يفيده خلافه )([1])
كذلك فإن أيام العرب الجاهلية جزء من الرصيد الثقافي العربي، لما لها من منهجية خاصة اتبعها الرواة في تأليف هذه النصوص، والتعبير عنها ، وفي رصدها وتصويرها للمجتمع الجاهلي في أحواله –لا سيما- سلمه وحربه على ما تقتضيه طبيعة البداوة، ولما لها من شأن كبير عند المؤرخين العرب الأولين، الذين كانوا يصعدون في تأريخهم لحياة العرب إلى البشرية الأولى، إلى العماليق وعاد وثمود، ويعرِّجون نزولاً على أخبار طسم وجديس وغيرهما من القبائل التي بادت، ثم يهتمون بالقبائل القائمة فيدرجون أيامها في صلب التاريخ ويفصلون أحداثها بنفس العناية التي يولونها للفتوحات والمغازي الإسلامية التي جاءت فيما بعد والتي يؤرخون بها لانتصارات الإسلام وانتشاره، أو حتى أخبار العصور والدول المتقدمة من عمر الإسلام كالدولة الأموية والعباسية.
إلا أن اهتمام المؤرخين بروايات الأيام لا يجبرنا -بالضرورة- على تقبلها منهم كما وردت، وتصديق كل ما ترويه لنا من أسباب الحروب أو نتائجها، وتشعب الأحداث وتفاصيلها، كما لو كانت تاريخاً مرتباً مضبوطاً، في نصوص شبه تاريخية تقع في مرحلة وسط بين الأسطورة والحقيقة، لأنها -كثيراً- تميل إلى الإبهام والتضخيم‘ إلا أنها -في المجمل- تعطينا صورة أولية عن المجتمع الجاهلي بكل ما فيه ومن فيه، هذه الصورة تواصلت ملامحها في المجتمع الإسلامي الأول بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-مباشرة، حين عادت العصبيات القديمة إلى شدتها، وصار التنافس على الحكم يوقظ العداوة ويغذي الإحن والأحقاد الدفينة التي كانت تمزق العرب بين قيسية ويمنية، وتميمية وبكرية ....إلخ .
كل الذي يعنينا على الأقل في سطور هذا البحث وعبر صفحاته هو الأسلوب الذي عبر به الرواة عن الأحداث حباً وبغضاً، حرباً وسلماً، حقيقة ومجازا وأخص تحديداً الأسلوب الكنائي وبعض صوره في أيام العرب .
بالإضافة إلى أنها تعطينا فرصة كبيرة لاستنباط عناصر الفن القصصي فيها والأسلوب المتبع فيه –لا سيما من جهتي التركيب الأسلوبي القصصي وأسلوب الصياغة، وهي كذلك تضفي على الأخبار التي فيها جواً ملحمياً، وتصبغ أعمال الأشخاص بأبعاد بطولية، وتسجل كل ما يصدر عنهم من كلمات أو حتى إشارات ؛ لأن المواقف الحاسمة تُنطق المرء بالكلام البليغ، فيصير كأنه الحكمة بعينها أو يصير مثلاً سائراً -وهو كثير في الأيام- خاصة ما ورد على لسان رؤساء أو حكماء القبائل، حتى أن الراوي نفسه كان يعقب على بعض الجمل أحيانا بقوله: ( فصارت مثلاً)،..إلى غير ذلك من الأشياء التي لولا ورود الأيام لم تدرك الحاجة .
ومن الجدير بالذكر هنا- أيضا - أن كل ما جاء في سطور وصفحات البحث من ملاحظات على التركيب الأسلوبي لقصص الأيام ، وأسلوب الصياغة في أدب أيام العرب بصفة عامة؛ لم يكن ليتسم بسمة الإحاطة بكل ما في الأيام أو حتى بنصفه أو أقل من ذلك ، وإنما هي إشارات ربما تلفت النظر إلى ضرورة وجود اهتمام زائد من الباحثين بهذه النصوص لاستخراج ما فيها .
[1]) ) الإيضاح في علوم البلاغة – الخطيب القزويني صـ 188 ط دار الجيل .
DOI
10.21608/drya.2021.289696
Keywords
الكناية, الوسائط, السياق, الجاهلية, التركيب, الدلالي, الصياغة
Authors
MiddleName
-Affiliation
أستاذ البلاغة والنقد المساعد - كلية الوجه الجامعية جامعة تبوك
Email
-City
-Orcid
-Article Issue
المؤتمر العلمي الدولي الأول - الجزء 2
Link
https://drya.journals.ekb.eg/article_289696.html
Detail API
https://drya.journals.ekb.eg/service?article_code=289696
Publication Link
https://drya.journals.ekb.eg/
MainTitle
الكناية باعتبار الوسائط والسياق ودورها في إفادة المعنى في (أيام العرب في الجاهلية) دراسة في التركيب الدلالي وأسلوب الصياغة