لما كان مصطلح تجديد الدين مصطلحًا إسلاميًا نشأ من حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها." ^([1]) فقامت هذه الدراسة ببيان التجديد الحق من التجديد المنحرف في العلوم الإسلامية، خاصة في علم التفسير فهو واحد من هذه العلوم، بل يعد من أهمها لأنه يتعلق مباشرة بمصدر هذا الدين شرحاً وتوضيحاً، وذلك ببيان الأمور التي يجب استناد الرأي إليها في التفسير، واخترت من بينها ما ذكره الإمام الزركشي في كتابه " البرهان في علوم القرآن" بعنوان (أمهات مآخذ التفسير للناظر في القرآن الكريم)، فمن فسر القرآن برأيه واجتهاده ‌ملتزما ‌الوقوف عند هذه الأصول والقواعد معتمداً عليها فيما يرى من معاني كتاب الله كان تفسيره سائغا محموداً، ومن حاد عن هذه الأصول وفسر القرآن غير معتمد عليها كان تفسيره ساقطاً مرذولاً وسُمى بالتفسير المذموم، كما ذكر المفسرون. وقامت الدراسة ببيان معنى التجديد لغة، ومفهوم التجديد في التفسير، وتحديد ضوابطه المشروعة المتعارف عليها بين علماء التفسير بلا تشويه أو مزايدة، وصفات المجدد، فلابد من احترام المرجعيات الدينية، وأصحاب التخصص؛ فكما لا يصح لأي إنسان أن يدلي بدلوه في الطب والهندسة إلا إذا كان متخصصاً، فكذلك الأمر بالنسبة للدين، فهناك علوم لابد من الإلمام بها قبل التعاطي مع التفسير، أو غيره من العلوم الإسلامية. ثم أشارت الدراسة إلى بيان التيارات الفكرية المنحرفة في تجديد التفسير ومحل الخلل فيها، وأن دعاوى التجديد التي تقوم على هدر لاجتهادات أئمة الإسلام، أو المغرضة التي حامت حول ثوابت الدين وفروعه للنيل منها بدعوى التطوير الذي يريد دعاته مسخ الهوية الإسلامية، والتحلل من كل الالتزامات والقيم والمبادئ والثوابت والمسلّمات الواردة في القرآن الكريم، وإنكارها إنكاراً كلياً أو جزئياً بتأويلات واصطلاحات ما أُنزل بها من سلطان، فليست من التجديد في شيء، بل هي تبديل للشريعة وعبث بأحكامها. كما اشتملت الدراسة على طائفة من التفسيرات المنحرفة والردود عليها بشكل واضح وصورة تميز الحق من الباطل والصحيح من السقيم، واخترتها من بين مجموعة من تفاسيرهم لقضايا المرأة، وما هي إلا طامات ورذائل حديثه باسم تحرير المرأة مثل التساهل في الحجاب الشرعي لها، أو المناداة بحقوق المرأة مثل المساواة في الميراث والشهادة، أو الدفاع عن كرامة المرأة كما في مسألة الطلاق وإنهاء الحياة الزوجية؟ وغير ذلك..... حيث يضيق بي المقام في تتبع أمثلة لهذا السقوط الفكري والأدبي الذي شغل الساحة الفكرية الثقافية، والأدبية، وحاولت جاهداً إظهار الرأي الصواب في كل موضوع، وإماطة اللثام عن بعض هذه الآراء وبيان ما فيها من أباطيل وأوهام. وبينت الدراسة أن شريعة الإسلام كرمت المرأة تكريماً عظيماً، وعملت على صيانة شرفها، وأنصفتها ووقفت بجانبها وأعطتها حقوقها كاملة، وأنزلتها المنزلة الكريمة اللائقة بها، وعاملتها معاملة عزيزة كريمة كلها إنسانية، كما يعامل الإنسان الحر الكريم في أرقى عصور المدنية والحضارة، فهن شقائق الرجال، ومنهما تتكون الأسر، ويوجد المجتمع، آملاً أن يكون في ذلك ما يزيل بعض الغشاوة والضباب الذي يغشى التفاسير العصرية حول هذه القضايا الحيوية.   وهذا البحث ما هو إلا محاولة متواضعة، ساهمت فيه قدر الجهد والطاقة لبيان أن التجديد في التفسير مطلوب، لكنه لا يكون إلا وفق أصول وضوابط، وأن المجال مفتوح لكل صاحب تأهيل صحيح ورؤية سليمة، ليتميز الخبيث من الطيب والغث من السمين. ثم ذيلت الدراسة بخاتمة اشتملت على أهم النتائج والتوصيات وقائمة المصادر والمراجع.
[1]) رواه أبو داود في سننه بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (٤/ ١٠٩)، ح (٤٢٩١) كتاب الملاحم، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (4/ 568)، ح (٨٥٩٣)، ‌‌كتاب الفتن والملاحم. حديث صحيح.