لعل ما يحدث في زمننا المعاصر من اعتداء واضطهاد لأرض فلسطين الشقيقة يؤلم النفوس ألمًا شديدًا، ويدمي القلوب، ويذرف دموع العيون، وهذا الاضطهاد والاعتداء من بواعث القول، ومن محركات الإبداع، ونالت فلسطين من العلماء والأدباء على مر الأزمان عناية خاصة؛ لأنها أرض مقدسة إسلامية، وفي عالمنا المعاصر حرك ما يحدث فيها الأستاذ الدكتور/ عصمت رضوان ـ أستاذ الأدب والنقد في جامعة الأزهر إلي أن يجاهد من خلال الكلمة الشاعرة الأبية الانفعالية ضد الاحتلال، فحرك من خلال ديوانه: أنشودة الحجر القلوب والجوارح ، وبث في نفوس المسلمين روح الأمل في أن الباطل زهوق، وكان من فضل الله على الباحث أن هيأ له النظر في هذا الديوان، فاستخلص منه فكرة الخطاب الانفعالي الذي يتسم بالإنكار والرفض للظلم، والإفساد في الأرض، وكانت قصيدة أنشودة الحجر التي سمي الديوان باسمها ركيزة من ركائز البحث، حيث قمت بتحليلها بلاغيًا، وذلك بعد النظر في الديوان كاملا، وأظهرت سمت الخطاب الانفعالي فيه، وكان من ثمار هذا النظر أن ظهر غلبة الخطاب الانفعالي في الشعر الوطني على الخطاب الهادئ الرقيق، وقد أقمت البحث على مقدمة، وتمهيد، وأربعة مباحث وخاتمة، واتبعت في دراسته المنهج التحليلي الذي يعنى بوصف الظاهرة البلاغية، وتحليلها، وبيان السمات المتعلقة بها، وأثمر ذلك عن عناية علمائنا البلاغيين بالخطاب الانفعالي، وأنهم لم يهملوه، بل كان في بؤرة شعورهم، كما أثمر عن تنوع أساليب الخطاب الانفعالي، فلم يأت على نمطٍ تركيبي واحد، بل له أنماط مختلفة، مثل: التركيب الإسنادي، والصورة البيانية، والبديعية خاصة الضدية بين المعاني والألفاظ، ولعلي في النهاية أكون وفقت إلي إظهار محركٍ قوي من محركات الإبداع، ألا وهو الانفعال بالأحداث التي يعيشها عالمنا المعاصر.