تهدفُ هذه الدراسةُ إلى التحليل النَّحوي في كتاب شرح كافية ابن الحاجب للرضي؛ لبيان الخصائص التي تميَّزت بها تحليلاتُ الرضي النَّحوية وركائزها، فقد تناولتْ هذه التحليلاتُ مجالاتٍ رحبةً، فمنها تحليلاتٌ واسعةٌ ومناقشاتٌ ثريةٌ للحدود النَّحوية التي وضعها ابنُ الحاجب، وهذا جانبٌ مهمٌّ، ومنها تحليلاتٌ قيمةٌ لما يتعلَّقُ بنظرية العامل، وما تقتضيه العواملُ من علاقاتٍ مع المعمولات، ومنها تحليلاتٌ لما يحدثُه التقديمُ والتأخيرُ من فروقٍ دلاليةٍ، ومنها تحليلاتٌ لما للحروف من معانٍ في السياقات المختلفة، ومنها الترجيحُ في الخلافات بين النَّحويين، كما أنَّ منها توجيهاتٌ قيمةٌ للشواهد النَّحوية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأمثال والأشعار والأقوال.
وقد تهيَّأ للرضي الاطلاعُ على الدراسات النحوية المشرقية من عهد سيبويه إلى عصره وهو النصف الثاني من القرن السابع الهجري، كما تهيَّأ له الاطلاعُ على مؤلَّفات ابن الحاجب وابن مالك، التي فيها آراء وأقوال النُّحاة في مصر وبلاد الشام، وما كان له من تأثُّرٍ بالنَّحو الأندلسي؛ لذلك جاءتْ تحليلاتُ الرضي غنيةً ثريةً بالتراث النَّحوي العريق، وقد أُوتي الرضي فكرًا نحويًّا فذًّا استطاع به أن يعرضَ القضايا النَّحويةَ بوضوحٍ، وأن يناقشَها باقتدارٍ، معتمدًا على الأدلَّة الصناعية والأدلَّة المعنوية، فتحليلاتُه متينةٌ من جهة الصناعة النَّحوية، وقويةٌ من جهة مراعاة معاني النصوص ودلالتها. وقد تميَّزتْ هذه الدراسةُ بأنَّها اهتمَّت بشرح الرضي على الكافية، فلمْ تدرسْ نصوصًا شعريةً أو نثريةً، بل اختصتْ بدراسة تحليل الرضي وطريقة عرضه لكلام ابن الحاجب.