يجري التَّواصلُ بين البشر منذ أن خلق الله الخليقة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وكذلك سائر الكائنات الموجودة في الطبيعة، ولذلك كانت جميع الحركات والسكنات في عالمنا ذات دلالة ووظيفة؛ سواءً كانت لفظية أو غير لفظية، وتُعد اللُّغة من أهم وسائل التواصل لنقل الخبرات والمعارف، وهذه اللغة على مستوى التخاطب والتواصل ذات مستويين سلوكيين: لفظي وغير لفظي، فما هو حدُّ كلٍّ من التَّواصل اللَّفظي وغير اللَّفظي؟
لنجيب على السؤال السابق يجب علينا تجزئة مفردات المصطلحين لنصل لتمام المعنى الاصطلاحي لهما والفرق الدقيق بينهما.
أولا: التواصل لغة:
تواصلَ يتواصل، تواصُلًا، فهو مُتواصِل تَوَاصَلاَ: خلاف تصَارَم. تَوَاصَلَ الصَّدِيقَانِ: وَاصَلَ أَحَدُهُما الآخَرَ فِي اتِّفَاقٍ وَوِئَامٍ واجْتَمَعا واتَّفَقا. تَوَاصَلَ الحَدِيثُ حَوْلَ الْمَائِدَةِ: تَوَالَى، وتواصلتِ الأشياءُ: تتابعت ولم تنقطع. وتَوَاصُلُ الحَبِيبَيْنِ: مُوَاصَلَةُ أحَدِهِمَا لِلآخَرِ فِي اتِّفَاقٍ وَوِئَامٍ وتَوَاصُلُ الحَدِيثِ: تَوَالِيهِ، وواصل اللَّيلَ بالنَّهار: عمِل باستمرار، ووَاصَلَ الصِّيَامَ: لَمْ يُفْطِرْ أَيَّامًا تِبَاعًا، ووَاصَلَهُ بِالْمَالِ وَالهَدَايَا: أَعْطَاهُ( ).
إذًا المعنى اللغوي للتواصل يدور حول الاقتران والاتصال والصلة والترابط والتتابع والالتئام والجمع والإبلاغ والإعلام.
ثانيًا: التَّواصل اصطلاحًا:
هو عملية نقل الأفكار والتجارب، وتبادل المعارف والمشاعر بين الذوات والأفراد والجماعات. وقد يكون هذا التواصل ذاتيا شخصيًّا أو تواصلا غيريًّا.
وهناك من يعرّف التواصل بأنه: هو العملية التي بها يتفاعل المراسلون والمستقبلون للرسائل في سياقات اجتماعية معينة( ).
فالتواصل هو جوهر العلاقات الإنسانية، وهو محطُّ تطوُّرِها وله وظيفتان من خلال التعريف السابق: وظيفة معرفية، وتتمثل في نقل الرموز الذّهنية، وتبليغها زمانيًّا ومكانيًّا بوسائل لغوية وغير لغوية، ووظيفة تأثيرية وجدانية، وتقوم على تمتين العلاقات الإنسانية، وتفعيلها على المستوى اللفظي وغير اللفظي.