المدينة الفاضلة والبحث عن الذات في قصيدة " البلاد المحجوبة " لجبران خليل جبران
"عرض ونقد"
ملخص البحث
إن البحث عن المُثل والفضائل، هو طابع النَّفس البشرية، فالمرء طُبع على محاسن الأخلاق، لا على سيئها، ولكن الظروف المحيطة، هي القادرة على تبديد تلك الفضائل، واختفائها وراء الزيف والضلال، وهذا ما يدفع الذات للبحث عن وجودها، وهذا حال شعراء المهجر في ظل مجتمع مضطرب سياسيًا، واقتصاديًا، بل دينيًا؛ مما دفعهم للهجرة وترك الوطن، وأصابهم بالقلق والغربة، والحنين للأمان والهدوء، فكان التأمل في الذات، والطبيعة، والوجود، وكانت العُزلة؛ بحثًا عن المُثل، وسعيًا للكمال والخلود، وهذا ما أضفى على إنتاجهم نزعات صوفية، وأخرى فلسفية.
يسعى هذا البحث إلى بيان سمات المدينة الفاضلة الجبرانية، مدينة القيم والمثل الرفيعة، تلك التي يبحث عنها جبران في كل ما حوله؛ لكنه لم يجدها إلا في روحه، النَّقية الطاهرة، في ذاته العليا؛ التي اخترقت الحُجب؛ لكشف الأسرار، وإدراك الحقائق؛ لذا اشتملت القصيدة على كثير من المفارقات؛ التي عاشها جبران بين واقعه المزيف، الملئ بالشرور، وبين روحه، رمز البراءة والسكينة والأمان.