هذا البحثُ دراسةٌ لغويَّةٌ لآليات الحِجاج اللُّغوي في الخطابِ النِّسوي ، وعنوانها : (آليات الحِجاج اللُّغوي في الخطابِ النِّسوي ، نماذجُ مختارةٌ من الوصايا النِّسائية) ، ولهذا الموضوعِ أهميةٌ كبيرةٌ ؛ إذْ إنَّه يتعلَّقُ بالوصية ، وهي تُعدُّ من الخطاباتِ التي يلجأُ فيها المتكلِّمُ للتأثيرِ على متلقِّيه، بأنْ يعهدَ إليه أمرًا من الأمورِ لغرضٍ وغايةٍ معيَّنةٍ. والوصيةُ قد تكونُ صادرةً من الأبِ أو الأمِّ أو الأخِ أو الأخت أو العلماء وغيرهم، إلَّا أنَّ صدورَ الوصيَّة من المرأة له مكانةٌ كبيرة ؛ وذلك لقدرتها الطبيعية على رعاية الآخرين، وتفهُّمِ احتياجاتهم ، وهو ما يُسهمُ في زيادة شعور المسؤولية تجاه ذويها، فتصدرُ الوصيةُ من الأمِّ لبنيها، أو الأخت لأخيها، أو من المرأة لأفرادِ المجتمع. وعليه اهتمَّ هذا البحثُ بالكشف عن آلياتِ الحِجاج اللُّغوي الكامنة في الخطابِ النِّسوي وتحديد الآليات الحِجاجية اللُّغوية المنطقية ؛ لذا فإنَّه يتعيَّنُ على منشئ النَّص ـ أيًّا كان نوعه ـ استحضارُ وخَلقُ بيئةٍ كلاميةٍ، مقاميةٍ، تتلاءمُ مع طبيعةِ ذلك النَّص ؛ لتحقيقِ الأثر في نفسِ المُتلقِّي. وعليه فإنَّ هذا البحثَ ينظرُ في "آليات الحِجاج اللُّغوي في الخطابِ النِّسوي"، وصفًا وتحليلًا لما لجأت إليه المُتكلِّمةُ من آلياتٍ لُغويةٍ منطقيةٍ تُشغلُ بها ذهنَ المُتلقِّي وتُوقدُ استجابتَه ، وتحقيقًا لتلك الغاية عُدَّ المنهجُ الوصفيُّ متَّكئًا تقومُ عليهِ الدراسةُ.
وكان من أبز نتائج هذا البحث إثباتُ أنَّ نظريةُ الحِجاج في اللغة تختلفُ عن غيرها ، وبيانُ أنَّ الوصايا النِّسائية جاءتْ مصبوغةً بصبغةٍ إقناعيةٍ جعلتْ منها مادةً مناسبةً للنَّظرية الحِجاجية ؛ إذْ تلجأُ النِّساءُ في حججهنَّ إلى الأدلَّةِ العقليةِ والبراهين؛ لرغبتهنَّ الشديدة في تقديم قناعاتهنَّ للمتلقِّي ؛ كي تحظَى بقبوله.