يأتي هذا البحث لتسليط الضَّوء على قضية تفعيل مقاصد الشَّريعة في فهم السُّنة النَّبوية ونبذ الفهم الحرفي الظَّاهري للنُّصوص، فقد حاول غالب العقلانيين استغلال مفهوم المقاصد للقفز فوق النُّصوص والقطعيات والثوابت والضَّوابط الشَّرعية وهم بهذا يقفون موقفًا متقابلًا مع الحرفيين الجامدين على ظواهر النُّصوص من غير مُراعاة لمقاصدها وحكمها وعللها وأهدافها وكلاهما جانح هم الوسط والعدل الذي يقضي بمراعاة ظواهر النُّصوص ومقاصدها معًا ؛ لذا كان من الضَّروري بذل الجهد في رسم الحدود الفاصلة بين المقبول والمردود من ادعاء مراعاة مقاصد الشَّريعة، واخترت في البحث شخصية علمية حازت على القبول في الأوساط العلمية ولها من المؤلفات المتقنة في هذا الباب وهو العلامة محمد الطاهر بن عاشور (1393هـ-1970م ) لأبين منهجه في تفعيل المقاصد الشَّرعية في فهم السُّنة النَّبوية من خلال كتابه« النَّظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصَّحيح» وجاء البحث إلى فصلين : الأول منهما لبيان مفردات البحث وأهم مُشتملاته والتعريف بالمؤلف وكتابه ، والثاني دار حول تفعيل مقاصد الشريعة في فهم السُّنة النَّبوية من خلال كتاب المؤلف رحمه الله تعالى ، وذيلت البحث بخاتمة وفهارس علمية ، ويظهر أنَّ تفعيل المقاصد عنده يرجع إلى دوران حِكم الشَّريعة وِعللها على صلاح الفرد والمجتمع ،والمقصد الأعظم هو جلب الصَّلاح ودرء الفساد، وأنَّ المقصد العام من التَّشريع هو حفظ نظام العالم واستدامة صلاحه بصلاح الإنسان ، فمقاصد الشَّرع هي قبلة المجتهد فكيفما تقلب وهو يُراعي مقصود الشَّرع فهو مستقبل للقبلة كالذي أحاطت به جُدران الكعبة .