كان الفتح الإسلامي لمصر علي يد عمرو بن العاص -رضي الله عنه-حدثا تاريخيا عظيما, استهوي نفوس الأدباء فتناولته أقلامهم من خلال أجناس أدبية مختلفة ؛ فهو مقال قصصي لمصطفي صادق الرافعي في كتابه ( وحي القلم) بعنوان (اليمامتان) ,ورواية تاريخية لجرجي زيدان تحت عنوان ( أرمانوسة المصرية). ويقوم هذا البحث بعقد موازنة بين الأديبين بعنوان ( أرمانوسة بين الرافعي وجرجي زيدان ) من خلال عدة محاور: العنوان – الحدث- الشخصية –الزمان والمكان –اللغة والأسلوب –السرد – النقل عن المصادر. وقد كشفت الموازنة عن الوجه المشرق للتاريخ الإسلامي الذي بدا جليا في معالجة الرافعي , وتواري في طرح جرجي زيدان إن بالتهميش والتسطيح , وإن باستدراج القارئ إلي المواقف الغرامية والعلاقات العاطفية , فيتحول الحدث العظيم إلي مادة للتسلية , للمباعدة بين المسلم وبين التعرف علي عظمة الإسلام وقادته الأعلام. أما الشخصيات فقد قدمها الرافعي من خلال مواقفها البطولية , وقد أسهم الحوار بينها في تنمية الحدث من منطلق الإقناع , بينما ركز زيدان علي الشخصيات لاسيما العنصر النسائي , ليسفر الحوار بين الشخصيات عن شوق عارم وعاطفة متقدة , ليتواءم ذلك مع ما انتهت إليه الروايةمن لقاء الحبيبين . وكانت تقنيات الاستباق والاسترجاع والتلخيص من عناصر الزمن التي اتكأ عليها الأديبان في تناول الحدث , وإن كانت الأماكن التي اختارها الرافعي كالصحراء والفسطاط والمسجد والكنيسة ذات دلالة تصب في خدمة الحدث , علي حين كثرت الأماكن عند زيدان وغلبت عليه , وظهر تعصبه المسيحي في كثرة ذكر الكنائس والأديرة .وكشف البحث عن انتماء الرافعي للعرب من خلال إشادته بأمجادهم , بينما أظهرهم زيدان في صورة الهمج الرعاع , وغلب عليه الانتماء للعجم . اعتمد الرافعي في التشكيل الفني علي التشبيه والمجاز والسرد والحوار , واعتمد زيدان علي التشبيه وتوظيف الشعر والرسائل والسرد والحوار وإن كان السرد أغلب . وأما المصدر الذي استقي منه الرافعي مادة الحدث فهو (الواقدي) ملتزما أمانة النقل , علي حين كثرت المصادر عند زيدان مع الخلط والتداخل في بعض النقول .