مثلث عملية طوفان الأقصى التي نُفذت بقيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس في السابع من أكتوبر 2023 مفاجأة لم تتوقف تأثيراتها عند حدود القضية الفلسطينية وما تتضمنه من صراع ممتد بين إسرائيل والفلسطينين حول الأرض والتاريخ والمقدسات، بل تجاوزته لتربك الحسابات الإقليمية وتضع التقديرات الدولية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في دائرة التقييم على المستويين الرسمي والشعبي وخاصة في الدول غير الداعمة للحقوق الفلسطينية.
شكلت عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة نقطة تحول استراتيجية لا افتراضية؛ فهي تعد عملية نوعية غير مسبوقة في توقيتها وحجمها وعمقها الجغرافي, وباءت معظم محاولات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بالفشل، حيث برزت مجموعة من التصورات عن مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وأمام هذه الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وما أسفرت عنه من نتائج كانت الكارثة الإنسانية الملمح الأبرز لها، ناهيك عن أن العملية فرضت على العقل الإسرائيلي إعادة النظر في أدبيات التفاؤل السياسي بمستقبل إسرائيل التي روّج لها اليمين الصهيوني وأحدثت صدمة في منظومة الأمن اإلإسرائيلي؛ أدى إلى خلخلة نظرية الردع اإلإسرائيلي وتآكلها. كما أن هذه الجولة أعادت القضية مرة أخرى في دائرة الاهتمام الدولي، وأعادت العملية الاعتبار إلى الخيار العسكري كخيار رئيسي في عملية حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.