تولي القصائد التي يسطرها الكاتبان العظيمان دي إتش لورانسومحمود درويش اهتماماً كبيراً بموضوع الماضي وذكرياته والولع به والدور الذي تلعبه ذكريات الفرد الماضية في حياته الحاضرة. وهكذا، تتناول الورقة البحثية الحالية بالشرح والتحليل قصيدتين من أفضل ما كتب لورانس ودرويش، وهما قصيدة "بيانو" لـدي إتش لورانسوقصيدة "إلى أمي" لـمحمود درويش. ويقدم الباحث في البداية مقدمة موجزة عن المكانة التي تحتلها دراسات الذكرى في الشعر، ملقياً الضوء على أصل الكلمة وتعريفها وأنواعها والفرق بين القصائد التي تتناول موضوع الذكرى وغيرها من أنواع الشعر الأخرى التي تربطها معها بعض أوجه التشابه. ثم يتناول الباحث بعد ذلك القصيدتين موضع الدراسة مفصلاً القول في خصائصهما المتنوعة من حيث الأفكار والأساليب الفنية التي تميزهما. إن القراءة المتأنية لقصيدتيلورانس ودرويش تبرز بشكل جلي أن الكاتبين كليهما ينجذبان بقوة نحو الماضي بذكرياته وشخصياته الملهمة خاصة شخصية الأم وذكراها العطرة التي تضفي جمالاً متفرداً على حاضرٍ قاسٍ به من القبح والإحباط ما يعكر صفو الشاعرين ويلقي عليهما عبئاً ثقيلاً لا يخفف من وطأته سوى اختلاس لحظة عابرة من لحظات الماضي الجميل تطل فيها عليهما الأم الحانية، فيصير القبحُ جمالاً، والقلقُ سكينةً، واليأسُ تفاؤلاً وأملاً.