في عام 1507م تعرضت الساحل العماني إلى احتلال البرتغاليين الذين تمكنوا من السيطرة على المدن الرئيسة فيه، ونجحوا في إحداث تغييرات كثيرة عليه خاصة من الجوانب السياسية والاقتصادية، الأمر الذي مكنهم من طول بقائهم في عمان إلى عام 1650م، عندما تم طردهم نهائيا من عمان في عهد الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي (1649- 1680م).
واتبع البرتغاليون العديد من الأساليب التي نجحوا من خلالها في إطالة نفوذهم وفي تعاظمه في عمان، وفي إضعاف المقاومة العربية العمانية ضدهم قبل عام 1624م، وهو عام تأسيس دولة اليعاربة (1624- 1744م) في عمان، يأتي من ضمنها استغلال امكانياتهم المالية في اجتذاب القيادات العربية والعمانية إلى صفوفهم والتأثير عليهم في هذا الجانب من خلال الهبات والعطايا المقدمة لهم، وكذلك قيام البرتغاليين في إسناد الحكم المحلي إلى بعض الشخصيات العربية والعمانية على أن يكون ولائها للملك البرتغالي.
وإلى جانب ذلك وجدت مساندة عسكرية مباشرة للبرتغاليين من بعض الشخصيات العربية والعمانية في الثورات التي قامت ضدهم في منطقة الخليج وعمان، مثل ما حدث في ثورة سنة 1521م، وهي المساندة التي أضعفت من نجاح هذه الثورات مقابل تعاظم النفوذ البرتغالي، علاوة على حرص بعض الشخصيات في تعزيز الموارد المالية للبرتغاليين، وهو الأمر الذي مكنهم من الحفاظ على نفوذهم القوي. وزاد الأمر سوءا استعانة بعض الشخصيات العمانية بالبرتغاليين ضد قوى عمانية أخرى، عندما وجدت تحالفات مباشرة بين الطرفين، الأمر الذي أضعف من المقاومة العمانية ضد البرتغالييين.
وبجانب تلك الإجراءات التي اتبعها البرتغاليين، فقد استغلوا أيضا تدهور الأوضاع السياسية وانقسام البلاد إلى مجموعة من المقاطعات والمدن الصغيرة في تعزيز نفوذهم وفي عدم وجود مقاومة عمانية موحدة.
وعليه يأتي هذا البحث ليكشف عن مظاهر الأساليب والإجراءات التي اتخذها البرتغاليين من أجل إضعاف المقاومة العربية العمانية قبل قيام دولة اليعاربة في سنة 1624م، ودورهم في إنجاح ذلك.