يقوم البحث على الاستقراء اللغوي وخطواته في جمع المادة العلمية من قبل أهل اللغة، ومدى تشابه خطوات جمع المادة مع خطوات التقعيد النحوي الذي يعتمد كلاهما على عنصر الملاحظة وفرض الفروض والتجريب حتى يتوصل النحوي واللغوي إلى الحكم المطرد لكلام العرب، الناتج عن التعميم والخالي من التباين والاختلاف والاضطراب، وإن خرج شيء من المادة المستقرأة نعتها النحاة بأنها خرجت عن أصل القاعدة، أو خرجت عن أصل الوضع لعلة ما أو لأنها شاذة، ومن أسس الاستقراء الملاحظة التي تحتاج إلى الصبر والأناة والتي ينبني عليها كشف تفاصيل أي ظاهرة لغوية نحوية وبيان العلاقة الداخلية والظاهرية التي تربط الظواهر اللغوية، ومن ثم اكتشاف الخصائص التي تتميز بها الظواهر التي اكتشفها النحاة كالترتيب والتطابق وصولا إلى القواعد والأصول العامة في النحو العربي، ومن ثم التجربة وهي للتدليل على صحة ما توصل إليه النحاة في استقرائهم من نتائج، وقياس مدى مطابقة هذه النتائج اللغوية التي قام بها النحاة باستقرائها واستخراج ظواهرها اللغوية، من خلال الطريقة الوصفية التي تتمثل في مشافهة الأعراب واختبارهم وسؤال العلماء ومناظرتهم، أو الطريقة العقلية التي تقوم على السبر والتقسيم في اختبار ما توصلوا إليه من نتائج. ثم فرض الفروض؛ حيث قام النحاة بدراسة الظواهر اللغوية وتقديم الفروض التي تصف وتفسر ما بين هذه الظواهر من ترابطات وعلاقات، ولكي يكون الفرض مقنعًا وصادقًا يجب أن يدلل الواقع على صدقه؛ فلقد اختبر النحاة صدق فروضهم بعرضها على المادة المستقرأة، ثم استنبطوا قاعدتهم النحوية، القائمة على اطراد الحكم النحوي الذي يضبط النظائر اللغوية من حيث أصل العمل سواء كان العامل لفظيا أو معنويا، وأصل الإعراب وأصل البناء في تراكيب الجملة باختلاف أنواعها.