الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما على عبده المصطفى، ونبيه المجتبى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد: فقد توصلت إلى عدة نتائج من خلال هذا البحث؛ ومنها:
1-كانت العزلة والاعتزال تعني مطلق الاجتناب، وكان هذا هو المتبادر إلى الذهن في القرن الأول من عصور الدولة الإسلامية العظيمة حتى وقعت بدعة الكلام في نهاية عصر الصحابة وتكلم بعض أهل العراق ببدعة القدر، فبدأ ظهورهم.
2-يمكن أن نقول إن بدعة التكذيب بالقدر كانت أول ما اشتهرت به المعتزلة قبل التسمي بالاعتزال وهي إحدى أهم أصولهم الخمسة التي ارتكز عليه مذهبهم.
3-إن أول ظهور للمعتزلة عرف في العراق أيام عبد الملك بن مروان (ت86ه) وهشام بن عبد الملك (ت125ه) على رأس المائة الثانية من القرن الهجري تقريبا ، وإن كان هذا الظهور ليس بالظهور الحقيقي البارز وإنما اتخذ هذا الظهور مجرد أفكار يتبناها أشخاص.
4-كانت هناك أسباب متعددة لظهور الاعتزال؛ منها: وجود الهوى في النفوس الذي يجعلهم ينفرون أو يتركون ما عليه أهل السنة والجماعة، ومنها: حرب الكفار على الإسلام وأهله عن طريق تأييد أصحاب هؤلاء العقائد والأفكار المنحرفة منذ قديم الزمان وإلى يومنا هذا، ومنها: توارث أهل البدع لبدعهم عن طريق تبني هذه الانحرافات من جيل إلى جيل، ومنها: حركة الترجمة العشوائية لكتب الفلسفة والمنطق وعلوم اليونان وما فيها من إلحاد وإدخالها على مدارس المسلمين .
5-يقوم أصل التوحيد عند المعتزلة على فكرة النفي وخلاصتها تجريد الله من كل ما الأسماء التي ثبتت له وإرجاعها إلى أصل الذات فقط وبعضهم يعبر عن ذلك فيقول مثلا: (سميع بلا سمع وبصير بلا بصر)، وقد وجدت أن غالب الكلام فيه راجع إلى إشكال وهو ظنهم أن إثبات الاسم أو الصفة لله - تعالى- يلزم منه تشبيهه بالمخلوق.
6-طريقة إثبات أصل الوعد والوعيد عند المعتزلة قد أخذتها المعتزلة من الخوارج، فالخوارج امتازوا بأنهم يخرجونه من الإيمان وأنهم يستحلون دمه وماله وسبيه، وأما المعتزلة فإنهم يخرجونه من الإيمان ولا يدخلونه في الكفر، ولا يعاملونه في الدنيا معاملة الكفار، ولكن في الآخرة الخوارج والمعتزلة متفقون على أنه مخلد في النار لا يخرج منها.
7-يضمن المعتزلة أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندهم الخروج على الأئمة، فيقولون: إذا عصى إمام المسلمين العام وأصر على معصية حتى ولو كانت صغيرة لم نقره، بل نخرج عليه ونقاتله، ويسمون ذلك: أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وهذا مخالف لما أجمع عليه أهل السنة والجماعة في هذا الباب.