مارس الموروث سطوته على طريقة التفكير الإنسانية عمومًا، والعربية خصوصًا، وعندما نحدد الموروث فنعني به الموروث البشري بشكل عام، منذ بداية الحضارة، بوصف النص الأول الذي عمل على نمذجة الأشياء وترميزها، والّلغة العربية بوصفها لسان خاص بالمنطقة العربية تتشكل على أساس الإنسلال الترميزي للتجارب الإنسانية، وما مرحلة التقعيد إلَّا إتمام للمراحل الأولى التي تشكلت فيها اللغة التواصلية.
فنجد في اللغة العربية كثيرًا من المسائل التي تتعلق بقضية التمييز بين الذكر والأنثى، أخذ بعضها التجلي الثقافي السلوكي، فنجد المرأة دائمًا في منطقة أقل من الرجل، بناءً على الأصول الأولى التي حددت الأولوية للرجل في عملية الخلق المتصلة بالنبي (آدم)، وهي صورة أصبحت ضمن نظام (اللاوعي) فلا ينظر الإنسان إلى الأصول التي شكلت الرؤية، التي هي صنيعة بشرية، بخلاف الطبيعة التي لا تفرق بين الاثنين.
وقد عملت الدراسات الحديثة (الحركة النسوية) بجميع تجلياتها المؤسساتية، على توظيف الفكر النقدي وتحديد الأصول، للوصول إلى مرحلة عدم التمييز بين النوعين ضمن الجنس الواحد، فكان التوجه نحو بيان الأسباب التي أدَّت إلى عملية التفريق بينهما في التعامل والحقوق.
ودراستنا هذه تقوم على توظيف الاتجاه النسوي للبحث في الأصول اللغوية القائمة على التمييز بين المذكر والمؤنث على المستوى النحو، وبيان أسباب اختصاص الأنثى بخصائص نحوية من دون (الذكر)، وقد اخترنا في هذا البحث نموذج (التصريف) في اللغة، بوصف التأنيث علة أساسية من علل عدم التصريف ومن ثمَّ عدم التمكين.