تعتمد قصائد الاستدعاء على استدعاء شخصيات تاريخية من ذوات الثقل الإيحائي لعرض المغزى بصورة غير مباشرة، وعلى الرغم من المزايا الموضوعيّة القيّمة التي تميّز هذا النوع إلا أن حالة الاستحضار تفرض إشکاليات فنيّة بسبب تأسس النص على ازدواجيّة الخطاب والتحوّلات الزمنيّة، ويهدف هذا البحث إلى تناول عنصر الزمن في قصائد الاستدعاء بالاعتماد على الفينومينولوجيا الوجودية لهايدجر، وقد انطلق من تخلّي شعر الاستدعاء عن الزمن الواقعي ليربط النص بسياق زمني وجودي يمکّنه من مزج الأزمنة، وسعى البحث إلى الکشف عن الظواهر الزمنيّة المتعلّقة بشعر الاستدعاء من خلال دراسة الزمن في نص (أنا وجميل بثينة) لمحمود درويش لتحديد عناصره وتأثيره على المغزى ونوعيّة الزمن والزمن الفعلي للنّص وزمن الرؤيا النصيّة. لقد افترض النقّاد أن قصائد الاستدعاء قائمة على استدعاء شخصيات من الماضي إلى الحاضر، لکنّ هذا الافتراض لا يوضح الزمن الفعلي للقصيدة وهو أيضًا ليس صائبًا لسببين: إنّ الحاضر والماضي لا يمنحان الزمن الأصيل، وإنّ دلالة الاستدعاء لا تظهر في النص بمعنى الدعوة وإنّما بمعنى المزامنة بسبب حضورها القوي الذي لم يضعف منذ أن ظهرت لأول مرّة.