يعد التفاوض ظاهرة اجتماعية قبل ان يكون لها اي معنى اخر نشأت مع نشأة الانسان وتطورت مع تطور طبيعة ووسائل حياته, وتطورت طرق وفنون التفاوض عبر الزمن الى ان باتت من بين اهم وسائل تنفيذ اهداف السياسة الخارجية وتحقيق مصالح الدول لا سيما بعد تطور التنظيم الدولي وتأسيس الدول القومية واتسام النظام السياسي الدولي بسمة الصراع والتعاون وتطور وسائل التواصل والاتصال بالتزامن مع تطور وسائل القتل والدمار التي باتت تهدد الجنس البشري بالفناء اذا ما اخفق الانسان في ايجاد خيارات بديلة عن الحروب او التقليل من دورها, ومن هنا ظهرت وتضاعفت اهمية التفاوض كوسيلة لمواجهة هذه التهديدات والتغلب عليها عبر توظيف فنون منطقية في التفاعل بين الاطراف المختلفة.
وانطلاقا من اهمية التفاوض لا سيما في فترة الحرب الباردة وما رافقه من صراع محتدم عرض الدول المتنافسة الى احتمالية الصدام الشامل فقد ركزت الدول والمنظمات والشركات متعددة الجنسية والمؤسسات المختلفة على تشكيل فرق تفاوضية لإدارة ملفات الصراع والتعاون وتحقيق مصالح واهداف هذه الاطراف, وبقدر تعلق الامر بموضوع البحث فأن الدول في عالم اليوم باتت اكثر اهتمام بالتفاوض استنادا الى طبيعة التحولات التي شهدها العالم والتي جعلت من القوة العسكرية والحروب امرا صعبا وغير مفضل الا في اضيق الحدود ومن التفاهمات والتعاون والتفاوض امر اكثر يسرا وفائدة.لذلك اهتمت السياسة الخارجية بالتفاوض بشكل ملفت من بين الوسائل الاخرى الخاصة بتنفيذ اهداف السياسة الخارجية ومنها تنفيذ هدف امن الطاقة لتدنية التكاليف وتعظيم العوائد وتشجيع التعاون الدولي وبناء السلام وادارة الصراع.