هدفت الدراسة الحالية إلى وضع تصور مقترح لجامعات العمر الثالث في مصر على ضوء خبرتي كوريا الجنوبية وبولندا، وبما يتلاءم وظروف المجتمع المصري وثقافته. وتحددت مشكلة الدراسة في احتلال مصر المراتب الأخيرة في الركائز والمؤشرات ذات الصلة بتعليم الكبار وتعلمهم، وضعف الاهتمام بذلك النوع من التعليم، سواء على مستوى التطبيق أم على مستوى السياسات. واستخدمت الدراسة مدخل جورج بيريداي George Bereday في الدراسات التربوية المقارنة، للوقوف على ملامح جامعات العمر الثالث في كل من كوريا الجنوبية وبولندا، والذي يتلاءم وطبيعة الدراسة وأهدافها. وتوصلت الدراسة لمجموعة من النتائج، أهمها: تحتاج المنظومة الاجتماعية للمسنين في مصر إلى إعادة نظر شاملة لكل جوانبها. هناك معوقات تحول دون استفادة كبار السن في مصر من الخدمات المقدمة لهم من الدولة، أهمها: السلبية واللامبالاة من قبل المسنين أنفسهم، واتجاه العديد منهم للانطواء بعيدا عن المجتمع. يمكن تلبية الاحتياجات التربوية المتنوعة لكبار السن من فئة العمر الثالث من خلال إتاحة فرص متكافئة من التعليم المستمر أمامهم، عن طريق مؤسسات تعليمية تختص بتقديم خدمات تعليمية لهذه الفئة من كبار السن خاصة المتقاعدين منهم عن العمل. يحتاج نجاح تجربة إنشاء جامعات العمر الثالث وعملها في مصر إلى إيمان القيادات العليا بجدواها، وتيسير كافة سبل إنجاحها. تعتمد جامعات العمر الثالث في كوريا الجنوبية على فلسفة التعلم مدى الحياة، والاستمرارية في التعليم. تستند الجامعات العليا في كوريا الجنوبية على "نموذج الرفاهية Well-Being Model". تسعى جامعات العمر الثالث في بولندا إلى تمكين ودعم التعلم مدى الحياة لكبار السن، وتثقيف الطلاب في مجال الشيخوخة الاجتماعية. تعمل السياسة الاجتماعية في بولندا على تهيئة الظروف ووضع السياسات اللازمة للتعايش مع أشكال الشيخوخة النشطة. وعلى ضوء الخبرتين الكورية الجنوبية والبولندية في مجال جامعات العمر الثالث، تمكن الباحث من صياغة تصور مقترح لجامعات العمر الثالث في مصر، بما يتلاءم وظروف المجتمع المصري.