تضمن القرآن الكريم حقائق عدة ومرتكزات مهمة, لا يكمل الإيمان إلا بها,كحقيقة البعث والجزاء والحساب, وعدل البارئ تبارك وتعالي, وغيرها, وقد اختلف الأسلوب في عرض وإثبات تلك الحقائق والمرتكزات, بين الإيجار والتطويل, فكما اختصت السور المكية بالاهتمام بالأمور العقدية وقضايا التوحيد, والبعث بعد الموت ومجادلة الجاحدين والشاكين في أمور البعث والجزاء, وإقامة الحجج والبراهين؛ لإبطال ودحض ما تمسكوا به من الحجج الباطلة, فإن للسور المدنية مجالها وعنايتها واهتمامها بالقضايا الاجتماعية, وتقرير الأحكام وقضايا الأسرة والمعاملات والعلاقات, وغير ذلك, وإن سورة التكوير من السور التي حوت بين دفيتها جملة من القضايا العقدية المختلفة, وشملت التأكيد على مرتكزات مهمة من أظهرها: تأكيد حقيقة البعث, وعرض جملة من أهوال يوم القيامة ومقدماته وبيان بعض ما يعترى الناس حين ذلك من الهول والفزع لما يرونه من أهوال,كما أكدت على العدل الإلهي وبناء الثقة برسولي الوحي جبريل ومحمد عليهما السلام, ونفي المطاعن عن النبي صلي الله عليه وسلم, والقرآن الكريم, والتأكيد علي مذهب أهل السنة والجماعة في مشيئة العبد, وأنها تابعة لمشيئة البارئ جل وعلا, وغير ذلك من القضايا المهمة التي عرضت لها هذه السورة المباركة, فأحببت أن أحبر خلاصة لما تضمنته في هذه العجالة. ومن أهم النتائج التي توصل إليها البحث: أن سورة التكوير مع وجازتها وقلة آياتها فإنها قد تضمنت خلاصة قيمة لمجمل القضايا التي جاءت متفرقة في سور وآيات الكتاب العزيز, ومن ذلك التأكيد على قدرة الله تعالى الباهرة بتغيير ملامح الكون, ووقوع القيامة بلا ريب، وأن الراجح في المراد بحشر الدواب هو بعثها يوم القيامة للقصاص فيما بين بعضها البعض، وبتسجير البحار هو إيقادها ناراً، وأن الراجح في المنفي عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ), هو نفي التهمة عنه بكتم شيء من الوحي.
الكلمات المفتاحية: التحبير، سورة التكوير، البعث والنشور، قضايا التوحيد، تفسير القرآن الكريم.