إن الدولتين (الصفوية والعثمانية) مثار هذه الدراسة، تمثلان عالمين يتميز كل منهما بخصوصيات جغرافية وسياسية، تتداخل حيناً، وتتباعد حيناً آخر، حتى نشب الصراع بينهما على المناطق الغنية بثرواتها الاقتصادية، أو على المناطق التى تعتبر نقاط عبور أستراتيجية لمتاجر الشرق والغرب، مما جعل كل عالم منهما يطغى على الأخرى، تبعاً لظروف القوة والضعف، عبر مرحلة زمنية امتدت قرابة قرنين وأربعة عقود، تراكمت فيها الأحداث والوقائع، بشكل متشابك ومعقد، شبيهة ببانوراما هائلة من صور الحرب والسلام، نتج عنها انعكاسات سلبية وايجابية على مجتمعى الدولتين، الذى كان يضم إثنيات متعددة، تكاد تكون واحدة. فالهيئة الحاكمة فى هذه الدولة أو تلك هى بالأصل من القبائل التركمانية المهاجرة من أواسط آسيا إلى الأناضول وفارس، وكل دولة منهما مع اتساع دائرتها الجيوسياسية، كانت تضم جماعات من الإثنيات (الكردية والعربية والأرمنية والكرجستانية) وهذا ما زاد الأمر تعقيداً، نتيجة لهذا التداخل. إذ كان الولاء للسلطان العثمانى أو للشاه الصفوى، كثيراً ما يطغى على الجانب القومى، وفى أحيان أخرى كانت المصلحة الإقتصادية، تطغى على كل الاعتبارات والولاءات، مما يزيد من حدة الصراع بين الدولتين.