العلم هو ما وصل إلينا من معرفة مدونة وموثقة بناء على تجارب من سبقونا عبر العصور. ولذلك، فالعلم يحتاج إلى دراسة تاريخه لمعرفة تطوره منذ نشأته وإلى دراسة فلسفة مناهجه التي تمثل الروح التي تدب في جسده لتعطيه الحياة. والعلاقة بين تاريخ العلم وفلسفة العلم علاقة تزاوج ولا ينفصلان.
فمن ناحية تجعلنا دراسة تاريخ العلم على دراية ووعي بالأسباب التي أدت إلى تحولات كبري في كم ونوع العلوم حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من تكنولوجيا متطورة.  كما يساعدنا أيضا على إدراك ما مر به السابقون من صعوبات وتحديات، وكيف تغلبوا علها لنتعلم من الخبرات المتراكمة، ونستلهم طاقة إيجابية وروح وهمة عالية للاستمرار في طريق العلم وتحمل التحديات.
ومن ناحية أخري، تعلمنا دراسة فلسفة العلم التفكير العلمي بما يحتويه من تفكير منطقي نستطيع به تحديد المشكلات، ووضع الفرضيات، وتصميم التجارب بالمنهج العلمي المناسب في وجود المدخلات المناسبة التي تساعدنا على الحصول على المخرجات المتوقعة. كما تجعلنا دراسة فلسفة العلم قادرون على طرح السؤال المناسب، وافتراض الإجابة المناسبة، وتحقيق هذه الفرضيات باستخدام المنهج العلمي الأفضل. كما أن دراسة فلسفة العلوم تجعلنا نُبحر ونغوص في أعماق الأفكار، وتجعلنا قادرون على ربطها سويا بحبال الفكر والمنطق لنحصل على علاقات جديدة مبتكرة.
ومع أن فلسفة العلوم تمثل أحيانًا نوعا من المضاربة أو المراهنة العلمية المقبولة، إلا أنها في معظم الحالات تقف على أرض صلبة من القياسات والدلائل المتعارف عليها. وتظل أحد الفوائد الكبري لدراسة فلسفة العلوم أنها تجعلنا على دراية بالمدارس العلمية المختلفة السابقة والمعاصرة، ومدي توافقها وتضاربها، والأسباب وراء هذا التوافق أو التضارب. كما أن وضع هذه المدارس العلمية المختلفة لفلسفة العلوم بين أيدينا، بما فيها تلك التي أصبحت 
مستقرة ومعلومة للجميع تساعدنا على اختيار المنهج العلمي المناسب في البحث العلمي الحديث. وفي نفس الوقت، يستطيع المتخصصون في فلسفة العلوم تطوير هذه المناهج العلمية بطريقة ديناميكية في ضوء المستجدات العلمية. ولذلك فدراسة فلسفة العلوم جنبًا إلى جنب مع تاريخ العلوم لهو مطلب في غاية الأهمية. فتاريخ فلسفة العلوم نفسه هو جزء لا يتجزأ من تاريخ العلوم.
وبغرض المساعدة في تحقيق هذه الرسالة أطلقت الجمعية المصرية لأبحاث السرطان الدورية العلمية الجديدة بعنوان "المجلة المصرية لتاريخ وفلسفة العلوم" لتعزيز وتطوير العلاقة بين التاريخ وفلسفة العلوم من خلال جذب أفضل الأبحاث في هذين المجالين من مختلف مجالات العلوم، بما في ذلك تاريخ الاكتشاف العلمي والابتكار، بالإضافة إلى الجوانب المختلفة للمنهجيات العلمية والتفكير العلمي والنقدي. وفي هذا الصدد، تولي المجلة اهتمامًا خاصًا للدراسات التي تهدف إلى تعزيز فهمنا لكيفية التعلم من تاريخ وفلسفة العلوم في تطوير البحث العلمي المعاصر.
وقد خصصت المجلة العدد الأول منها والذي يشمل خمس بحوث مرجعية وأصيلة عن تاريخ وفلسفة العلوم في الحضارة المصرية القديمة، شاملة مفهوم الغرق عند قدماء المصريين، دور الموسيقي في الحياة اليومية والمراسم للقدماء المصريين، وتاريخ مرض البلهارسيا منذ قدماء المصريين، وتوثيق الطب المصري في المصادر اليونانية القديمة.
أنا على يقين تام أن هذه المجلة الفريدة تمثل خطوة مهمة في طريق توثيق تاريخ العلوم والعلماء وفلسفتهم، وخاصة في العالم العربي، من خلال فتح نافذة علمية جديدة لعلماء العرب والغرب للبحث في هذا المجال الهام