أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي تطوّرًا كبيرًا في مجال العمل الإعلامي بصفة عامة، حيث سهّلت الممارسة الإعلامية في كافة جوانبها ومستوياتها، كما جاءت لتشكّل عالمًا افتراضيًا فتح المجال أمام المؤسسات الإعلامية والصحفية لترويج محتواها وتسويقه، والتواصل مع الجمهور والتفاعل معه ومتابعة اهتماماته وتلبيتها بشكل أيسر من ذي قبل، أي قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، كما وفّرت هذه المواقع فرصةً للصحفيين للحصول على الأخبار وانتقاء المعلومات، وتوسيع شبكة المصادر والتواصل معها بسهولة، إلى جانب إبداء آرائهم ومواقفهم في الكثير من القضايا بحرّية غير مسبوقة. واستطاعت مواقع التواصل الاجتماعي أن تمدّ هؤلاء الصحفيين بقنوات جديدة للمشاركة في نشر أعمالهم الصحفية، الأمر الذي دفع الكثير من الصحفيين إلى إنشاء حسابات أو صفحات سواء خاصة أو مهنية على هذه المواقع، وما تبع ذلك من اهتمام كثير من الباحثين بدراسة هذا الواقع الجديد المتمثل في استخدامات الصحفيين لمواقع التواصل الاجتماعي وتوظيفها في العمل الصحفي، لرصد طبيعة هذه الاستخدامات ومجالاتها إلى جانب الكشف عن تأثيرات هذه المواقع على بيئة العمل الصحفي على اختلاف مستوياتها وجوانبها. في هذا الإطار تهدف هذه الدراسة إلى تقديم رؤية تحليلية نقدية لدراسات وبحوث تأثيرات مواقع التوصل الاجتماعي على الأداء الصحفي وفقًا للموضوعات والمجالات البحثية والأطر النظرية والمنهجية في ضوء المقارنة بين المدارس المختلفة (العربية، الأمريكية، الأوربية، الآسيوية، الأفريقية)، وذلك من خلال نتائج عيّنة من الدراسات والبحوث العربية والأجنبية التي تطرّقت إلى استخدامات الصحفيين لمواقع التواصل الاجتماعي وتأثيراتها على الأداء الصحفي في الفترة من 2012 حتى 2019 في مختلف المدارس البحثية بأنحاء العالم (127 دراسة أجنبية وعربية)، بهدف التعرف على طبيعة هذه الاستخدامات ومجالاتها الشخصية والمهنيّة، والكشف عن التأثيرات الناتجة عن هذه الاستخدامات في مجال العمل الصحفي، وصولاً إلى تقديم رؤية مستقبلية تتضمن اقتراح أجندة بحثية عن مسارات البحوث والدراسات في مجال استخدامات مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيراتها على الأداء الصحفي.