لم يكن وجود الصورة في حياة الإنسان وليد اليوم، بل كانت امتدادًا لحضارته التي عاشها عبر تاريخ وجوده في هذا الكون، ولقد تطورت الصورة شيئًا فشيئًا عبر التسلسل الزمني، ممثلةً الوعاءين الفكري والاجتماعي لحضارة كل جيل، حتى وصلت إلى عصرنا الذي أكّد هيمنتها على مجالات الحياة كافة، فها نحن نعيش اليوم في ظل سلطة عولمتها؛ وقد ساعدت وسائل الاتصال العالمية كالتقنية والشبكات المعلوماتية والأقمار الصناعية بحضورها الطاغي أمام أعيننا في كل تفاصيل حياتنا وأنشطتنا اليومية، كما عبر عبد الحق بلعابد عن ذلك بقوله : ((أينما نولي وجوهنا فثمة صورة تنتظرنا)
وقد ارتبط الحضور المكثف للصورة بكل الأنشطة والتخصصات والمجالات؛ من علوم وفنون وهندسة وطب وإعلام وتعليم ومجالات اقتصاديَّة وعسكريَّة، كوسيلة للتواصل بين الأفراد والجماعات؛ فقد احتلت الصورة مكانة الهيمنة والقيادة في توجيه استراتيجية التواصل الإنساني الذي نتج عنه ما يُعرف بشيوع ثقافة الصورة التي تهدف إلى خلق ثقافة جديدة، تساند ثقافة الكلمة في علاقة تكاملية تربط بينهما؛ فالصورة جاءت لتثري الكلمة لا لكي تحل محلها؛ يؤكد ذلك قول زكريا إبراهيم : (( إنّ المخزون الدلالي للصورة يجعل منها أداة اتصالية عالية التأثير العاطفي والمعرفي والجمالي والثقافي، بل يحيلها إلى وسطٍ حواريٍّ ممتد، محدثة غزارةً في المعاني والدلالات وحضورًا كثيفًا في المشهد الثقافي والمعرفي اليومي))