الملخص العربي:
شهد القرنان الماضيان من الألفية المنصرمة تطورات هائلة قامت بتغيير العالَم على نحو شديد التسارع، خصوصاً في العقود الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد دخول كل من الرأسمالية التاريخية، والإشتراكية، في بداية السبعينيات، في أزمة طاحنة، وظهور ما يسمى بسياسات العولمة، التي أضحى لها أثر بالغ في تشكيل الوعي الإنساني المعاصر بمفهومي الزمن والمكان، وبطرائق تنظيمهما، وبمحمولاتهما الرمزية ذات التأثير في البيئات الثقافية. وتكمن المشكلة الملحة التي تطرحها سياسات العولمة على كثير من شعوب العالم في; أن المركز يقدم ثقافته بوصفها حضارة.
تنتمي هذه الدراسة إلى حقل "الدراسات الثقافية"، وتعالج مفهوم الثقافة في بيئتنا المعرفية المعاصرة، بوصفه مفهومًا متغيّرًا، لا يعرف الثبات، وذلك من خلال اشتباكه مع مفهوم آخر هو مفهوم الحضارة. "وبما ان الدراسات الثقافية تُعدّ في الأساس ذات توجه نظري، فتأخذ من الخطابات الماركسية، والسيميائية، والنسوية، وغيرها، فإنه لا ينظر إليها بوصفها مجالاً معرفيًّا مستقلاً بذاته، ولكن ينظر إليها بوصفها مجالاً متسعًا تتداخل فيه الاختصاصات، وتهتم بدراسة أوجه المجتمع الثقافية المختلفة. وتعد القيم الثقافية مهمة بخاصة لأنها تشكل المبادئ الأساسية التي ينتظم حولها النشاط الاقتصادي، ودون نشاط اقتصادي يغدو التقدم محالاً.
كما تتناول هذه الورقة في مجموعة من المحاور، أبرز استراتيجيات العولمة، وأبعادها التي أثرت في الواقع الدولي المعيش، وذلك من خلال الآتي؛

الإنسان، وتهديد فضائه الفيزيائي.
هيمنة أنماط الإنتاج الرأسمالي.
الصورة واللغة.
التدفق الثقافي.
الثورة المعلوماتية، والنموذج الثقافي الأميركي.
الهويات الفردية، والهوية الكلية.
سيادة الدولة القومية، وتحولات القانون الدولي.

وهي سبعة محاور أثبت تناولها زيادة اتساع الهوة بين الدول المتقدمة، والدول المتخلفة.