لم تعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence ضربا من الخيال العلمي، بل أصبحت تلك التطبيقات وهذه الآلات حقيقة مشاهدة، نظرا لأنها في تزايد واطراد يوما بعد يوم في حياتنا العملية، مما أتاح للإنسان قدرة كبرى في الوصول إلى أعلى أداء ممكن لإنتاج السلع، وتقديم الخدمات دون أخطاء تذكر أو سوء تقدير بشري، ولكن هذه الإيجابيات لم تمنع من وجود خطر لاستخدام تلك التطبيقات، يستوجب البحث في مسئولية الدول عن استخدامها، وضرورة إرساء قواعد ملزمة للدول تنظم هذا الاستخدام.

وقد شهد المجتمع الدولي في العقد الأخير جهود حثيثة استهدفت تنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك من قبل الدول والمنظمات الدولية، وهي الجهود التي شملت ارساء قواعد اخلاقية ومحاولة تنظيم المسئولية عن استخدام هذه النظم، ومع ذلك يمكن الذهاب إلى أن المجتمع الدولي إلى الآن لم يستقر بعد على إنشاء مثل هذه القواعد على نحو ينظم استخدام الدول لنظم الذكاء الاصطناعي.

وإذا كان المجتمع الدولي يشوبه عدم الاتفاق على هذه القواعد حتى الآن فإن كم المؤتمرات الدولية والاتفاقيات التي تبرم بين الدول وبعضها من ناحية وبين الدول والشركات من ناحية أخرى ينبئ باقتراب وضع قواعد تنظيمية محددة لاستخدام نظم الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي من شأنه أن يوجد خارطة لهذا الاستخدام يتحقق عبرها التوازن بين مصالح الدول في استخدام هذه النظم من ناحية، ودرء المخاطر المترتبة على استخدامها من ناحية أخرى.